أبوبكر خلاف
مدير شبكة محرري الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
هو أحد أكثر الأحداث ضخامة من حيث الاهتمام والشعبية في هذا الكوكب، كأس العالم.
هو مشهد مصغّر لصراع الهويات المتنافسة والمتناقضة على المستويات كافة.
تخلق هذه الخطوط من التنوع والتقسيمات المتداخلة، ولو جزئيًا، قراءة متجددة للقضايا التاريخية والمعاصرة المتعلقة بالانتماء الديني والعرقي، وبالطبع الانتماء القومي. ويبدو أنه لا توجد مباراة تجسّد هذا بشكل بارز أكثر مما تمثله اليوم مباراة نصف النهائي بين منتخبي المغرب وفرنسا.
وإذا كانت فرنسا هي الأقرب للفوز الليلة في أعين العديد من المحللين، فإن المشاعر الشعبية بالعالم العربي متضامنة بالكامل مع المنتخب المغربي، وعلى الرغم من صعوبة التوصل إلى حدث عربي واحد يجمع كافة المشاعر مثل مؤازرة منتخب المغرب في هذه المباريات.
إنها كرة القدم التي وحّدت الجميع، ليتّحد العرب من المحيط للخليج ومن الشمال إلى الجنوب في دعم الإنجاز الرائع الذي حققه المنتخب المغربي “أسود الأطلسي”، كأول فريق عربي وإفريقي يصل نصف نهائي المونديال.
ولكي نكون على قدر من الموضوعية، فلكل قاعدة استثناء، فلا تزال العلاقة بين المغرب والجزائر متأزمة ولم تشفع كرة القدم للجانبين لانتهاز الفرصة بعد، حيث تشهد العلاقات بينهما خلافاً منذ عقود حول قضية الصحراء الغربية، ومن الجدير بالذكر على خلفية الاحتفالات بصعود المغرب في المونديال، أفادت أنباء بإقالة مدير القناة التلفزيونية الحكومية بالجزائر من منصبه، بعد أقل من يوم من حديثه عن إنجازات المنتخب المغربي في كأس العالم، وهو ما اعتبر مخالفاً للخط الرسمي بالقناة الحكومية.
بنظرة أكبر لمشهد القوى “الاستعمارية “السابقة في أوروبا: بلجيكا، إسبانيا والبرتغال، وفرنسا، سندخل لساحة من صدام الهويات: فإن صعود المغرب للمربع الذهبي ليتوج بهذا ولأول مرة بتاريخ المونديال ممثلا لإفريقيا والعالم العربي، كان على حساب الثلاثة الأوائل. وإذا انتصرت المغرب على القوة الرابعة سيكون هذا حدثًا هائلاً ليس في تاريخ كرة القدم فحسب، بل أيضًا في أهمية رمزية لانتصار مستعمرة سابقة على القوة الغازية لأرضها (سابقا).
وللعلم، فإن معظم لاعبي المنتخب الوطني المغربي ولدوا في أوروبا (بعضهم حتى ولد في فرنسا)، وأن معظم لاعبي المنتخب الفرنسي ينتمون إلى مجتمعات مهاجرة من جميع المستعمرات الفرنسية سابقاً في إفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما يضيف للمشهد مزيداً من التعقيد.
قبل بدء مباراة المغرب وفرنسا بساعتين