أهم خطواتك لتأسيس مشروع إعلامي ناجح

إنّ ريادة الأعمال في مجال الصحافة والإعلام الرقمي، آخذة في التطور، بفضل التحول التكنولوجي الهائل الذي تشهده البشرية، وهو ما يفسر تزايد عدد الشركات الإعلامية الناشئة في هذا المجال، بالإضافة إلى تضاعف عدد صناع المحتوى في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

لكن بالرغم من هذا الارتفاع الإيجابي والمستمر للاستثمار في مجال الإعلام وصناعة المعلومات، تطفو على السطح مجموعة من المشاكل والتحديات التي تواجه حاملي المشاريع في مجال الإعلام الجديد، ولعلّ أبرز هذه التحديات، هو إيجاد فريق عمل يتمتع بكفاءة ويواكب التغيرات التقنية الحديثة، بالإضافة إلى تمويل يضمن صمود المشروع إلى غاية حصوله على مداخيل وأرباح تعزز من استمراريته.

وفي هذا السياق، ومن خلال تجربة شخصية تمثلت في إطلاق مشروعي الخاص في مجال الإعلام الرقمي، “ترو سطوري” وهي منصة رقمية تستهدف الشباب وتركز على موضوعات: الثقافة، البيئة وريادة الأعمال، فإنّ أهم تحدٍ يواجه الراغبين بالاستثمار في هذا المجال، هو إيجاد فكرة جيدة تقدم حلولًا جديدة، سواء تعلق الأمر بطبيعة المحتوى أو الشكل الذي سنقدم من خلاله هذا المحتوى.

فكرة قوية

أعتقد أن أهم ما يمكن التركيز عليه في البداية، هو التفكير بفكرة قوية، وقادرة على التحقق واقعيًا أو افتراضيًا، كما يجب تعريف هذه الفكرة في عبارة واحدة لا تتجاوز الـ3 كلمات، بحيث يسهل حفظها من قبل الجمهور المستهدف، وكذلك تبدو مقنعة بالنسبة للداعمين.

القصة

كخطوة ثانية، فإنّ هذه الفكرة يجب ربطها بقصة عشتها أو سمعت عنها، بحيث يكون تأثيرها قويًا على مستوى بناء سمعة المؤسسة، بالإضافة إلى أنها تقدم حلولًا جديدة لمشاكل في الأعلام، وأبرزها مشاكل عرض المحتوى وشكله، بحيث تكون مواكبة للتطور التكنولوجي وتأخذه بعين الاعتبار. مع التركيز على الجودة العالية في عرض المحتوى رقميًا، بهدف منح أفضل تجربة للمستخدم.

فريق العمل

ثم بعد ذلك يأتي التفكير في فريق العمل الذي سيترجم هذه الفكرة على أرض الواقع، حيث ينصح في البداية الاستعانة بعدد قليل لا يتجاوز الخمسة أعضاء، بحيث تكون مهاراتهم ومهامهم متعددة، ولعلّ أهمها، (التصميم الرقمي، الكتابة والتحرير، التصوير، التوضيب، إدارة صفحات الشبكات الاجتماعية، التسويق الرقمي و السيو..).

الجمهور المستهدف

بعد هذه الخطوة تأتي مرحلة معرفة الجمهور المستهدف، حيث أن معرفة جمهورك سترشدك إلى تحديد طبيعة المحتوى وموضوعه، وطرق تطوير أشكال عرضه التي تتناسب مع احتياجات هذا الجمهور واهتماماته، كما أن طريقة الوصول إليه والتفاعل معه تعتبر أساسية لفهم أعمق لانتظاراته ورغباته، وتعتبر حاليًا الشبكات الاجتماعية الفضاء الأمثل للوصول إلى قاعدة جماهيرية محددة من خلال التقنيات العديدة التي تتيحها هذه الشبكات.

عرض المحتوى

وارتباطًا بما سبق، فإنّ أشكال عرض المحتوى تعتبر أساسية لكسب ولاء الجمهور وثقته، إذ أنه من الضروري معرفة شكل المحتوى الذي تنتجه المؤسسة، سواء تعلق الأمر بالأجناس الصحفية التي ستتبناها أو شكل عرضه (فيديو، جرافيك، أو مقال مكتوب، متعدد الوسائط..) بالإضافة إلى شكل المنصة نفسها والألوان التي ستعتمد عليها لبناء هويتها البصرية.

ويعتبر حاليًا شكل المحتوى الذي تقدمه قناة +AJ من أكثر الأشكال التي يفضلها الجمهور، حيث يتم تقديم المعلومة والقصة بشكل مبسط وفي مدة وجيزة.

وفي ما يتعلق بتجربتي الخاصة في “ترو سطوري”، فقد حرصت على الاعتماد بشكل أساسي على الفيديو، وهو عبارة عن حوار تتراوح مدته بين 4 إلى 10 دقائق، بالنظر إلى أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن جمهور الشبكات الاجتماعية يفضل مشاهدة مقاطع الفيديو على قراءة المقالات المطولة.

خطة تسويقية

تعتبر عملية تسويق المحتوى الذي ستنتجه المؤسسة من بين أهم الخطوات من أجل التأسيس لحضور المنصة في مختلف الشبكات الاجتماعية ومحركات البحث، حيث أن هذه الشبكات تعتبر حاليًا الفضاء الأمثل لتداول المعلومات والأخبار، كما  أن التقنيات التي تتيحها للمهنيين تسهل من عملية استهداف الجمهور والوصول إليه من خلال المحتوى الذي تنتجه المؤسسة.

في السياق ذاته، فإن محركات البحث وتقنيات “السيو” هي الأخرى تساهم بشكل كبير في زيادة زوار المنصة وانتشار المحتوى، حيث من الضروري الاستعانة بخبراء في هذا المجال عند البداية، فهو يعتبر حاليًا جزءًا أساسيًا من خطة التسويق عبر محركات البحث.

كخطوة أولى يمكنكم التركيز على أحد المواقع الاجتماعية، مثلا فيسبوك أو انستجرام، أو يوتيوب، حيث يكون المحتوى الذي تنتجونه يتناسب مع اهتمامات جمهور هذه الشبكات ويراعي سنّهم، لأن التركيز عليها جميعًا منذ البداية سيؤدي إلى تشتيت الجهود وعدم الوصول إلى الأهداف المسطرة خلال مدة معقولة.

ومن خلال تجربتي الخاصة فقد ركزت منذ البداية على صفحة فيسبوك، لأن جمهوري المستهدف يستخدم هذا الموقع بشكل واسع، وفي أشهر قليلة فاق عدد المشاهدات في مجموع الفيديوهات المليوني مشاهدة.

نصائح الخبراء

في مقابلة مع شبكة الصحفيين الدوليين، يعتبر عزيز الدريوشي مدير جريدة 24 ساعة المغربية، الحاصلة على منحة من ‫صندوق الطوارئ لدعم الصحافة المحلية التابع لشركة “جوجل”، أن الاجتهاد مع الفريق والإيمان بالعمل الذي يجمعهم، هو المبدأ الأساسي لإنجاح أي شركة ناشئة، بالإضافة إلى العمل باستمرار على تطوير المحتوى والعمل على تحقيق أهدافه.

ويشدد الدريوشي على ضرورة البحث عن الشركاء الذين يؤمنون بفكرة المشروع من أجل توسيع دائرة التشبيك وخلق فرص جديدة للتمويل، كما يؤكد على ضرورة الصبر والمثابرة وبذل مجهود مضاعف، لأن مجال الإعلام بحاجة للتميز والاجتهاد من أجل مواجهة المنافسة الكبيرة خاصة من المؤسسات الكبرى.

ويؤكد الدريوشي في السياق ذاته، أن حاملي المشاريع الناشئة في مجال الإعلام، يجب أن يتحرروا من العقلية القديمة في هذا المجال، لأنها أصبحت متجاوزة اليوم بالنظر للتحول الرقمي الكبير الذي يعيشه العالم الآن، ويفسر ذلك بأن العقليات القديمة هي التي كانت مسيطرة إلى وقت قريب على قيادة وتسيير المؤسسات الإعلامية، الأمر الذي أثر بشكل كبير على مواكبة هذه المؤسسات للتطور التكنولوجي الذي نعيشه اليوم.

ويضيف مدير جريدة 24ساعة المغربية، أنّ مجال المقاولة الصحفية الناشئة، ليس مفروشًا بالورود، فهناك العديد من التحديات التي تؤثر على العمل، ولعلّ أبرزها التحديات المالية، كذلك تحاول المؤسسات الكبرى الاستحواذ على السوق، بحيث أن المؤسسات الناشئة تجد نفسها مجبرة على تنويع مصادر الأرباح، لكي لا يكون نموذجها الاقتصادي معتمدًا فقط على الإشهار، لأنّ الدعم شبه منعدم، وشروط الاستفادة منه، تبقى تعجيزية.

ويؤكد الدريوشي في الختام أنه من الضروري العمل منذ البداية على تنويع الشراكات مع مختلف المنظمات الدولية والمحلية، والسعي دومًا وراء التجارب المبتكرة، والتركيز على القصص المتميزة فيما يتعلق بالمحتوى، ثم وضع رؤية واضحة على المستويين المتوسط والبعيد، لأن الرؤية الواضحة هي أهم أمر في هذا الميدان.

Exit mobile version