في كلّ عام، ينشر معهد رويترز لدراسة الصحافة (RISJ) تنبؤاته حول اتجاهات الصحافة في العام الجديد، وذلك استنادًا إلى مقابلات مع قادة صناعة الأخبار حول العالم.
في تقريره هذا العام، المكوّن من 48 صفحة، استطلع معهد رويترز آراء 303 من قادة الأخبار من 53 دولة أو إقليم، للوصول إلى الاتجاهات التي يجب أن ينتبه إليها الناشرون والعاملون بالصناعة في 2023.
وقام المشاركون بملء استبيان عبر الإنترنت بأسئلة محددة حول الهدف الاستراتيجي والرقمي في عام 2023.
في هذا المقال، تقدّم شبكة الصحفيين الدوليين أبرز التوقعات التي شملها التقرير حول 8 بنود مختلفة، ترسم ملامح الصحافة والإعلام في العام الجديد.
1. التضخم وعدم اليقين والضغط على الإنفاق يحجب آفاق الصحافة
آثار الغزو الروسي لأوكرانيا، العام الماضي، أزمة طاقة وتضخم متصاعدة في العديد من البلدان. انعكست هذه الأزمات بشكل واضح على تمويل الصحافة، حيث تراجعت الإعلانات بشكل كبير، في الوقت الذي خفضت فيه الأسر إنفاقها، وواجه الناشرون ارتفاعًا في التكاليف على جبهات متعددة.
كما تأثرت البلدان التي لا تزال تعتمد على الطباعة بشكل خاص، حيث تضاعفت تكلفة الورق في بعض المناطق. قرب نهاية عام 2022، أدت هذه الأزمة إلى تسريح عدد كبير من العاملين في وسائل الإعلام، وتجميد الإنفاق، وغيرها من تدابير خفض التكاليف.
فيما أدى انخفاض حركة المرور من المنصات الاجتماعية الكبيرة مثل فيسبوك وتويتر إلى تفاقم المشكلة، خاصة بالنسبة للشركات التي أصبحت تعتمد على توزيع محتواها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
الناشرون أقل ثقة بكثير، هذا العام، بشأن آفاق أعمالهم مقارنة بالوقت نفسه من العام الماضي. يقول أقل من نصف عينة المسح (44٪) من المحررين والرؤساء التنفيذيين والقادة الرقميين إنهم واثقون من العام المقبل، بينما أعرب الخمس (19٪) عن ثقة منخفضة، و(37٪) غير متأكدين.
تتعلق أكبر مخاوف العام الجديد بارتفاع التكاليف، وانخفاض الاهتمام من المعلنين، وانخفاض في أعداد الاشتراكات. حتى أنّ المتفائلين يتوقعون إجراءات صارمة قد ينتج عنها تسريح العمالة وتدابير أخرى لخفض التكاليف.
قد تتوقف المزيد من الصحف اليومية المطبوعة عن الصدور بشكل يومي هذا العام بسبب ارتفاع تكاليف الطباعة وضعف شبكات التوزيع، مع تقليص عدد الإصدارات أو إغلاق بعضها تمامًا.
قد نشهد أيضًا موجة أخرى من تحول العلامات الإخبارية الكبيرة والتاريخية إلى نموذج رقمي فقط.
ستكون منصات الأخبار التلفزيونية والإذاعية في طليعة عمليات التسريح الصحفي، ووقف البرامج، بسبب اشتداد المنافسة مع المنصات الرقمية، مثل يوتيوب، مع توجه مذيعي التلفزيون إلى المشاريع الرقمية.
سيزيد تحول نيتفيلكس الجزئي إلى نموذج قائم على الإعلانات، من الضغط على القنوات والمنصات التلفزيونية بسبب نقص إيرادات الإعلانات.
2. الأمل في الاشتراكات الرقمية والحُزَم والصفقات
مع تعرض عائدات الإعلانات للضغط والتأثر، تعلق الصحف المطبوعة آمالها على النمو المستمر في الاشتراكات الرقمية والعضويات والتبرعات. يجمع الناشرون على أن هذا العام سيكون أكثر تركيزًا على الاحتفاظ بالمشتركين الحاليين، بدلًا من إضافة مشتركين جدد.
سيستثمر المزيد من الناشرين في الاشتراك والعضوية في عام 2023، حيث قال معظم الذين شملهم الاستطلاع (80٪) إنّ هذا الأمر سيكون من أهم أولويات الإيرادات، قبل كل من الإعلانات المصورة والإعلانات الأصلية. وعلى الرغم من الضغط على الإنفاق الاستهلاكي، لا يزال أكثر من النصف (68٪) يتوقعون بعض النمو في دخل الاشتراك والمحتوى المدفوع الآخر هذا العام.
ستكون التخفيضات في أسعار الاشتراكات والعروض الخاصة محور تركيز رئيس للعديد من الناشرين الذين يتطلعون إلى التمسك بالمشتركين الجدد المكتسبين خلال حرب أوكرانيا وجائحة كوفيد19. يمكن أن نرى صفقات بنصف السعر أو أقل، مع تقديم خصومات مذهلة للمشتركين الجدد.
قد لا تكون عروض الأسعار المنخفضة كافية في هذا الوقت الصعب، لذا من المتوقع أن تعتمد وسائل الإعلام الإخبارية على حملات ترويجية حول القيمة التي تقدمها للجمهور، أو جودة صحافتها المرتبطة بقضايا محددة مثل الحرب في أوكرانيا وحالة الطوارئ المناخية، مثلما فعلت صحيفة La Vanguardia الإسبانية، بوضع شعار “الحقيقة هي الضحية الأولى للحرب”، أو كما فعلت الجارديان بالتأكيد على أن صحافتها المستقلة التي لا تعرف الخوف.
يتزايد التركيز هذا العام على النماذج البديلة للحفاظ على المشتركين، من خلال تجميع ميزات إضافية أو منتجات تكميلية بجانب الأخبار الأساسية في حزمة واحدة لجذب المشتركين الجدد. سيحذو البعض حذو صحيفة نيويورك تايمز التي تقدم حزمة تجمع بين الأخبار الأساسية وتطبيقات الطهي والألعاب وغيرها من الخدمات.
سيتطلع الناشرون الآخرون هذا العام إلى تطوير حزم تجميع مشابهة، وذلك عبر تطوير إضافات ومنتجات متميزة مثل تطبيقات الألعاب والطبخ والكتب والبودكاست والنشرات الإخبارية.
يقول الناشرون إن ثلاثة أو أربعة مصادر مختلفة للإيرادات في المتوسط ستكون مهمة جدًا هذا العام. ويتوقع الثلث (33٪) الحصول على إيرادات كبيرة من المنصات التقنية لترخيص المحتوى (أو الابتكار)، بزيادة كبيرة عن العام الماضي.
تعد الصفقات متعددة السنوات التي أبرمتها شركات التكنولوجيا العملاقة مع الناشرين مهددة بشكل كبير، وبحسب ما قالت “ميتا” إنها لن تجدد الترتيبات الحالية في الولايات المتحدة، مما قد يتسبب في نقص بإيرادات الناشرين يبلغ عشرات الملايين من الدولارات.
في الوقت نفسه، تعمل كل من أمازون وآبل ومايكروسوفت وتيك توك على تنمية الأعمال الإعلانية بسرعة، لتتنافس مباشرة مع وسائل الإعلام الإخبارية.
توقعات أن يحذو المزيد من الناشرين حذو بلومبرج نيوز في التخلي عن جميع الإعلانات البرمجية (اعتبارًا من كانون الثاني/يناير 2023) والتركيز على المبيعات المباشرة، بعدما ساهمت الكثافة الإعلانية المفرطة وتجربة المستخدم السيئة في مشاكل بصناعة الأخبار وإرباك القراء وتقويض الثقة.
مع جفاف الأسواق المحلية، تتطلع المزيد من الشركات إلى التوسع في الخارج لاكتساب قراء من دول ولغات أخرى.
3. ذروة الإنترنت وتحدي تجنب الأخبار
بعد عقود من النمو المستمر، بدأنا نشهد انخفاضًا في مقدار الوقت الذي نقضيه على الإنترنت، وفقًا لبيانات من وكالة الأبحاث GWI انخفض الوقت الإجمالي على الإنترنت بنسبة 13٪، بعد ارتفاعه بشكل قياسي خلال عمليات الإغلاق بسبب الجائحة، ما يشير إلى أننا ربما وصلنا إلى ذروة الإنترنت.
يمكن أن يكون هذا التغيير المهم انعكاسًا طبيعيًا لتشبع السوق، لكن الوكالة تشير إلى أنه قد يعكس أيضًا القلق الذي يشعر به الناس عند استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
فيما يتعلق بالأخبار عبر الإنترنت، من الصعب تحديد اتجاه واضح.
يقول حوالي أربعة من كل عشرة من الناشرين (42٪)، إن حركة المرور على أساس سنوي إلى مواقعهم الإلكترونية قد ارتفعت، بينما أفاد 58٪ أن حركة المرور كانت ثابتة أو آخذة في الانخفاض خلال 2022، على الرغم من القصص الإخبارية المهمة مثل غزو أوكرانيا، وارتفاع أسعار الطاقة، وتغير المناخ.
قد يكون السبب في ذلك هو شعور الكثير من الناس بأن التغطيات الإعلامية سلبية للغاية ومتكررة ويصعب الوثوق بها وتشعرهم بالعجز. لذا تتصاعد دعوات، هذا العام، للاهتمام أكثر بالصحافة التوضيحية التي تشرح الأخبار بشكل أفضل، وتمنح الناس الأمل، وتشير إلى الحلول بدلًا من تصدير المشاكل.
• معظم الناشرين (72٪) قلقون بشأن زيادة تجنب الأخبار في 2023- خاصة حول الموضوعات المهمة والمحبطة معًا مثل أوكرانيا وتغير المناخ- مع 12٪ فقط غير قلقين.
يقول الناشرون إنهم يخططون لمواجهة ذلك من خلال المحتوى التوضيحي (94٪) وتنسيقات الأسئلة والأجوبة (87٪) والقصص الملهمة (66٪) التي تعتبر مهمة جدًا هذا العام، وإنتاج أخبار أكثر إيجابية (48٪).
سيقوم الناشرون بدمج الميزات التي تسمح للأشخاص بالتحكم في نوعية الأخبار المعروضة أمامهم، وسنشهد المزيد من الأدوات لمساعدة الجماهير على التحكم في نوعية المحتوى المعروض لهم. يمكن أن تسمح الميزات الجديدة برؤية المزيد من الأخبار الإيجابية، وتقليل الأخبار المحبطة، كما فعلت بينك نيوز، عندما أضافت في أحدث تصميم مطور لها زر تحكم في الحالة المزاجية كجزء من خيارات التخصيص.
سيركز البعض على المبادرات التي تضع القصص الإنسانية في قلب التغطية الصحفية.
4. تغيير في تغطية وسائل الإعلام لحالة الطوارئ المناخية
شهد العام الماضي موجة أخرى من الظواهر الجوية المتطرفة في مختلف أنحاء العالم.
تُنتقد وسائل الإعلام باستمرار بسبب تغطيتها السطحية والسريعة لقصص المناخ، من دون تعمق وانخراط في النقاط الأوسع أو متابعة العواقب الدائمة.
يجادل آخرون بأن وسائل الإعلام تعاملت في كثير من الأحيان مع المناخ كموضوع منفصل، وليس كجزء لا يتجزأ من عملية صناعة القرار السياسي والاقتصادي الأوسع.
في 2023، ومع ازدياد وضوح تأثير تغير المناخ، ستعيد صناعة الأخبار التفكير في كيفية تغطيتها لهذه القصة المعقدة والمتعددة الأوجه.
سنشهد هذا العام تحركات على قدم وساق لتغيير طرق تغطية تغير المناخ من خلال تعزيز غرف الأخبار بفرق متخصصة في الصحافة المناخية، واستراتيجيات جديدة للصحافة المستدامة، وفقا لنتائج الاستطلاع.
يقول حوالي النصف (49٪) إنهم أنشأوا فريقًا متخصصًا في قضايا المناخ لتعزيز التغطية، بينما الثلث (31٪) عينوا مزيدًا من الموظفين. على سبيل المثال، أعلنت واشنطن بوست أنها ستضاعف حجم فريق المناخ لديها ثلاث مرات ليصل إلى 30 شخصًا.
ثلاثة من كل عشرة (30٪) طوروا استراتيجية لتحسين التغطية المناخية.
يقول أقل من النصف بقليل (44٪) إنهم سيدمجون مواضيع أخرى (مثل الأعمال والرياضة) مع المحتوى المناخي. في النمسا، اجتمع الناشرون مؤخرًا لوضع مجموعة من المبادئ التوجيهية لغرف الأخبار، أبرزها الاستخدام الدقيق للغة، وتضمين الحلول في تغطية الأزمات، والفصل بين الحقيقة والرأي، وإنشاء الموارد والهياكل لدعم تغطية أفضل عبر التخصصات.
5. معاناة المنصات التقنية
عانت شركات التكنولوجيا الكبرى من سلسلة انتكاسات مرتبطة بتباطؤ الإعلانات الرقمية، وانخفاض اهتمام المستهلكين بالعديد من منتجاتها.
سرحت تويتر ثلاثة أرباع قوتها العاملة وفقدت أكبر معلنيها هذا العام.
انخفض سهم ميتا بنحو الثلثين (66٪)، حيث اشتكى بعض الموظفين من أن هوس مارك زوكربيرج بالميتافيرس يهدد بنهاية الشركة.
في الوقت نفسه، تسبب سلوك إيلون ماسك غير المتوقع، بعد استحواذه على تويتر بقيمة 44 مليار دولار، في ابتعاد الصحفيين عن المنصة بعد تعليق حسابات بعضهم بسبب آرائهم الناقدة، وتصاعدت مخاوف البعض بشأن إقالة الموظفين المسؤولين عن نزاهة المنصة والتخبط حول دور العلامات الزرقاء للمصادر التي تم التحقق منها.
بشكل عام، تفقد شبكات التواصل الاجتماعي من الجيل الأول جاذبيتها بالنسبة للمستخدمين الأصغر سنًا على وجه الخصوص، لصالح التطبيقات المليئة بالمرح مثل تيك توك.
يمثل الارتفاع الكبير في شعبية تيك توك، مصدر قلق وجودي لـفيسبوك وجوجل، حيث فقد محرك البحث بعض زيارات البحث المربحة، وانخفضت إيرادات الإعلانات عن توقعات السوق بكثير، بينما تخشى أمازون من إمكانات تيك توك كمنصة للتسوق والدفع.
يقول الناشرون إنهم سيولون اهتمامًا أقل بفيسبوك وتويتر هذا العام وسيبذلون المزيد من الجهد في تيك توك وانستجرام ويوتيوب وجميع الشبكات التي تحظى بشعبية لدى الشباب.
يقول نصف المشاركين في الاستطلاع (51٪) إن إضعاف تويتر سيكون سيئًا للصحافة، لكن 17٪ يعتقدون أنه يمكن أن يقلل من الاعتماد على الآراء الصاخبة للنخب السياسية والاقتصادية.
من المحتمل أن نشهد هذا العام ظهور بعض البدائل لـتويتر: في 2022، برز لينكدين كبديل أكثر شعبية (42٪)، يليه ماستودون (10٪) وفيسبوك (7٪)، وفي 2023 قد تبرز منصة بوست، التي لا تزال في الوضع التجريبي، كبديل محتمل.
تغير فيسبوك بوصلتها هذا العام بعيدًا عن الأخبار، متجهة نحو الترفيه والتجارة عبر الهاتف المحمول، لتنشيط المشاركة على المنصة. قد نفاجأ باختفاء علامة تبويب “الأخبار” من فيسبوك في السنوات القليلة المقبلة.
تخطط تيك توك لإضافة ميزات تسمح باتصال أوثق مع الأصدقاء، وتجذب الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا، وتعمل أيضا على زيادة طول مقاطع الفيديو الخاصة بها والنظر في دعم نسب العرض إلى الارتفاع لتقديم مقاطع فيديو بعرض أفقي تنافس يوتيوب، مع فتح المزيد من إمكانيات الإعلانات لمنشئي المحتوى.
مع نمو تأثير تيك توك، سيزيد الضغط الحكومي على المنصة، مع التدقيق في خوارزمياتها وتأثيرها على المجتمع، وكمية البيانات التي تجمعها وما إذا كانت السلطات الصينية يمكنها الوصول إلى هذه البيانات، خاصة إذا تدهورت التوترات الجيوسياسية أكثر.
قد يتسبب دخول قانوني الخدمات الرقمية (DSA) والأسواق الرقمية (DMA) حيز التنفيذ هذا العام بالاتحاد الأوروبي، في وضع قيود جديدة على أنشطة أكبر شركات التكنولوجيا، في قضايا تتراوح من المحتوى الضار على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى المنافسة غير العادلة.
يشعر العديد من المشاركين (54٪) بالقلق من أن هذه القواعد الجديدة قد تجعل من الصعب على الصحفيين والمؤسسات الإخبارية نشر القصص التي لا تحبها الحكومات. حوالي الثلث (30٪) أقل قلقًا، و14٪ غير قلقين على الإطلاق.
6- الابتكار في التنسيق: التحول إلى الصوت والفيديو مستمر
كان أحد الاتجاهات الكبرى الأساسية في المجال الرقمي هو انفجار التنسيقات والقنوات التي يمكن للناشرين استخدامها للوصول إلى المستهلكين. وأدى اعتماد الهواتف الذكية إلى تسريع التحول للصحافة المرئية والفيديو العمودي والبودكاست.
يرى معظم الناشرين أن الاستثمار في البودكاست والنشرات الإخبارية هو أفضل طريقة لبناء اتصال أعمق مع الجماهير وتشجيعهم على العودة لمنصاتهم بشكل متكرر.
لا تتطلب النشرات الإخبارية تحديثات مستمرة ويمكن للأدوات الجاهزة مثل سابستاك مساعدة رواد الأعمال على إنشاء محتوى وكسب المال ببضع نقرات.
يقول معظم الناشرين إنهم سيخصصون في العام الجديد المزيد من الموارد للبودكاست والصوت الرقمي (72٪) بالإضافة إلى النشرات الإخبارية عبر البريد الإلكتروني (69٪)، وهما قناتان أثبتتا فعاليتهما في زيادة الولاء للعلامات التجارية الإخبارية.
سيرتفع الاستثمار في تنسيقات الفيديو الرقمية (67٪) عن العام الماضي، ربما مدفوعًا بالنمو الهائل لـتيك توك. على النقيض من ذلك، يقول 4٪ فقط إنهم سيستثمرون في ميتافيرس، مما يعكس شكوكًا متزايدة حول إمكاناتها في الصحافة.
في تقرير العام الماضي، توقع الناشرون طفرة في الإبداع في رواية القصص بالفيديو القصير في الشبكات الاجتماعية القائمة على الشباب. سنرى هذا العام المزيد من الناشرين يتبنون هذه التقنيات بينما تستغرق مقاطع الفيديو وقتًا أطول في البحث عن أرباح مستدامة.
ربما وصلنا إلى نقطة التشبع من حيث أعداد البودكاست، ولكن ليس من حيث الإيرادات. من المقرر أن تتضاعف عائدات الإعلانات في الولايات المتحدة إلى 4 مليارات دولار بحلول عام 2024.
سنشهد توسعًا في النشرات الإخبارية المحلية، التي تهتم بالأخبار داخل نطاق المدينة أو الولاية.
7. تطوير المنتجات بناء على احتياجات المستخدم
كشف أحد تقارير معهد رويترز السابقة، توترًا كبيرًا بين وظائف التحرير من جانب، والأعمال والمنتجات من جانب آخر، فضلًا عن عدم فهم دور المنتج في مؤسسة إخبارية.
لكن الأمور بدأت تتغير، هناك مزيد من الثقة في أن المؤسسات أصبحت تطور المنتجات المناسبة (54٪ يوافقون على ذلك)، وعملية تحسين المنتجات الحالية وتطويرها باتت أفضل (54٪)، وانتشار ثقافة التعلم من الأخطاء (52٪).
لكن هناك رضا أقل عن سرعة تطوير المنتجات والميزات، حيث يشعر 41٪ فقط أنّ شركتهم تقوم بعمل جيد في هذا الصدد.
لدينا هذا العام نهج أكثر تركيزًا على احتياجات الجمهور كعامل رئيس لتطوير المنتجات. ما يعني أنّ قرار تطوير المنتج لن يعتمد على التعليمات الصادرة عن كبار المديرين، بل عبر نماذج “احتياجات المستخدم”، التي تقوم على عمليات بحثية تحدد “نوع المشكلة التي يمكن أن يحلها المنتج، ومن يستفيد منه”.
لدينا اتجاه رئيس آخر يتمثل في الطريقة التي تتبنى بها فرق المنتجات والتحرير نماذج “احتياجات المستخدم” ومنهجيات “المهام التي يتعين القيام بها” للمساعدة في تطوير المنتجات. حيث تتعمق هذه الفرق في دراسة مشاكل بعينها تواجه عدد أكبر من الجماهير، ومن ثم تفكر في طرق مختلفة لحلها بواسطة منتج جديد، مع طرح أسئلة بحث حول الدور الذي يمكن أن تلعبه المنتجات في عالم من خيارات الوسائط الوفيرة.
8. عام اختراق للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مجال الصحافة
أصبحت أدوات النسخ بالذكاء الاصطناعي الآن روتينية في غرف الأخبار، وكشفت التطورات غير العادية في الذكاء الاصطناعي في عام 2022 عن المزيد من الفرص والتحديات للصحافة.
يوفر الذكاء الاصطناعي الفرصة للناشرين، أخيرًا، لتقديم المزيد من المعلومات والتنسيقات الشخصية، للمساعدة في التعامل مع تجزئة القناة والحمل الزائد للمعلومات.
لكن هذه التقنيات الجديدة ستجلب أيضا أسئلة وجودية وأخلاقية، إلى جانب المزيد من المنتجات المزيفة والإباحية العميقة والوسائط الاصطناعية الأخرى.
هناك اتجاه أوسع نحو ما يسمى بـ “الذكاء الاصطناعي التوليدي” الذي يتيح لأجهزة الكمبيوتر إنشاء ليس فقط الكلمات ولكن أيضًا الصور ومقاطع الفيديو وحتى العوالم الافتراضية.
بجانب أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يجعل هذه العمليات أكثر كفاءة، فإنه أيضًا يتيح استخدام مجموعة من الأصول الموجودة لإنشاء أشياء جديدة.
سنرى هذا العام المزيد من هذه الأدوات في بؤرة اهتمام المبدعين والصحفيين وغيرهم، مما يسمح لنا بإنشاء إصدارات ونسخ جديدة من أنفسنا والآخرين والعالم من حولنا.
تقوم شركات الإعلام بهدوء بدمج الذكاء الاصطناعي في منتجاتها كوسيلة لتقديم تجارب أكثر تخصيصا. ويقول ما يقرب من ثلاثة من كل عشرة (28٪) أن هذا أصبح الآن جزءا منتظما من أنشطتهم، بينما قال 39٪ آخرون إنهم يجرون تجارب في هذا المجال.
ستبدأ تقنيات الذكاء الاصطناعي في التأثير على العالم الحقيقي، مما يؤدي إلى زيادة الكفاءة والأتمتة من ناحية، وتمكين إعادة دمج المحتوى بطرق مفاجئة وغير متوقعة من ناحية خرى. في الوقت نفسه، نحن على أعتاب موجة جديدة من الاضطراب، فعلى الرغم أن ذلك سيساعد الشركات الإعلامية على تحقيق المزيد بموارد أقل، وفتح المجال لإنشاء وتوزيع محتوى أكثر ذكاءً، إلا أنه سيؤدي أيضًا إلى معضلات جديدة حول كيفية استخدام هذه التقنيات القوية بطريقة أخلاقية وشفافة.
الآثار المترتبة للذكاء الاصطناعي على الصحافة ليست واضحة تمامًا، لكن من المرجح أن يؤدي هذا التطور اللافت إلى طفرة في انتشار الوسائط الآلية أو شبه الآلية في السنوات القليلة المقبلة. سيكون إنشاء محتوى آلي له جودة عالية أسهل من أي وقت مضى، لكن سيكون من الصعب، أكثر من أي وقت مضى، فصل ما هو حقيقي عما هو مزيف أو مضلل.