اتّجه الكثير من الصحفيين إلى منصات العمل الحر التي تُتيح لهم العمل في مجالات متنوعة، بينما يفضل البعض الآخر مراسلة المواقع الإلكترونية والصحف والمجلات العربية أو الأجنبية التي تتعاون مع الصحفيين في مختلف أنحاء العالم، وذلك رغبةً منهم في زيادة دخلهم المادي، أو سعيًا للخروج من دوامة العمل اليومي الذي يتطلب التزامات كثيرة منها تواجد الصحفي في غرف الأخبار بشكل مستمر لمدة 7 أو 8 ساعات صباحًا أو مساءً، وإنتاج كم معين من الموضوعات. وهناك بعض الصحفيين الذين واجهوا صعوبات كثيرة متعلقة بقرارات إدارية لتخفيض حجم العمالة داخل غرف الأخبار أو أُغلقت مؤسساتهم الصحفية بعد سنوات من العمل المُضني.
وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، والتطورات التكنولوجية المتلاحقة؛ طبقت الكثير من غرف الأخبار حول العالم استراتيجية التحول الرقمي، ومنها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، التي قررت وقف البث الإذاعي بعشر لغات من بينها العربية، والفارسية، والصينية، والبنغالية، إلى جانب إلغاء مئات الوظائف عبر الخدمة العالمية في إطار جهودها الرامية لتوفير 28.5 مليون جنيه إسترليني من المدخرات السنوية لخدماتها الدولية.
وفي هذا الصدد، تصحبكم “شبكة الصحفيين الدوليين” في جولة مع أهم تجارب الصحفيين “الفريلانسرز”، وكيف تخطّوا الصعاب، وتسلحوا بالمهارات المختلفة للعمل في المواقع الإلكترونية المختلفة، وتجاربهم في إثراء المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، وأهم المهارات والأدوات الرقمية التي يجب أن يتقنها الصحفي في العصر الرقمي.
مزايا العمل كصحفي حر
من واقع تجربتها، تشارك معنا الصحفية والمدربة فتحية الدخاخني التي لديها خبرة أكثر من 15 عامًا من العمل الصحفي في منصات عربية وأجنبية متعددة، قضت منها 4 سنوات في مجال “الفريلانس”، فكانت بدايتها في صحيفة “المصري اليوم” حتى أصبحت مديرة الموقع الإلكتروني لمدة عامين، وبعدها قررت أخذ استراحة من دوامة العمل اليومي والتوجه نحو مجالات متنوعة مثل التدريب والاستشارات الإعلامية، والعمل كفريلانسر في الصحف والمجلات الأميركية، وتغطية موضوعات متنوعة في صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، كما عملت مدربة في مجال الكتابة الصحفية للإنترنت، والكتابة للنوع الاجتماعي.
وتقول الدخاخني لـ”شبكة الصحفيين الدوليين”: “هناك مزايا عديدة للعمل الصحفي الحر منها حرية اختيار الموضوعات، والعمل في أي وقت وأي مكان بينما ينتفي ذلك في العمل اليومي الذي يفرض على الصحفي الالتزام بساعات الدوام في غرف الأخبار، كما يفرض عليه حتمية تغطية مصادر معلوماته، ومتابعة كل فعالياتها وأداء تكليفات رؤسائه، وما يستجد من ملفات صحفية”.
ومن هذا المنطلق، تقدم لنا الدخاخني مجموعة من النصائح والإرشادات للعمل كصحفي/ة فريلانسر:
– كثرة القراءة والاطلاع في مجالات متنوعة، ويجب ألا يغفل الصحفي القراءة فيما يتعلق بتطورات مهنة الصحافة.
-التدريب المستمر، وهناك الكثير من المساقات التي تقدم دورات تدريبية مجانية للصحفيين.
-تحسين المهارات اللغوية.
-قراءة المقالات التدريبية التي تُقدم نصائح وإرشادات للصحفيين.
-التواصل والتشبيك مع زملاء المهنة.
– إجادة مهارات البحث على محركات البحث المختلفة، ومهارات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي.
– إجادة مهارات التعامل مع مصادر البيانات المفتوحة لأنها من ضمن المصادر المستخدمة في كتابة القصص المدفوعة بالبيانات.
-تعلُم كيفية الكتابة للمواقع الإلكترونية.
تحديات يواجهها الصحفي الفريلانسر
وهناك تحديات كثيرة للعمل الصحفي الحر والتي واجهها الصحفي يحيى صقر حيث بدأ العمل الحر بعد توقف جريدته عن الصدور، وبعدها عمل في عدة منصات عربية وأجنبية، منها: “أصوات مصرية”، و”المونيتور”، و”رصيف 22”.
ويحدثنا صقر عن تجربته قائلاً: “كل المنصات التي عملت بها أكسبتني مهارات كثيرة ساعدتني في اكتشاف ذاتي التي لم أجدها داخل صالات التحرير، واكتسبت الكثير من المهارات الرقمية من الدورات التدريبية التي التحقت بها حتى أطلقت مبادرة “Digital Media School” على فيسبوك لتكون أول منصة رقمية تنقل تجارب خبراء مهنة الصحافة، والأكاديميين.
ويشير صقر إلى أنّ العمل الصحفي الحر يتطلب من الصحفي التوليد المستمر للأفكار وفق السياسة التحريرية للمؤسسة الصحفية التي يراسلها الصحفي، كما يجب أن ينتج الصحفي موضوعات كثيرة لتوفير دخل مادي شهريًا، وذلك على عكس العمل الصحفي في مؤسسات رسمية أو خاصة، أو مواقع إلكترونية والتي تضمن لطاقمها التحريري عائدًا شهريًا ثابتًا.
ويختتم صقر حديثه معنا قائلاً: “أنصح الزملاء بتعلُم مهارات متنوعة لأنها ستحسن من وضعك الوظيفي والمادي مستقبلاً، وأرى أنّ الصحفي متعدد المهارات والمهام والذي يُجيد فن الكتابة، والتصوير، والتحرير، والتعديل على الصور، وصنع تقارير بالموبايل هو الذي سيتمكن من مواجهة أمواج المهنة العاتية، ولن تؤثر التقلبات الاقتصادية في زعزعة مكانه”.
إثراء المحتوى العربي على شبكة الإنترنت
أما رحمة ضياء فهي كاتبة صحفية ومدربة، وقد عملت في عدد من الجرائد والمواقع المصرية منذ عام 2009 مثل “الدستور”، “التحرير”، “اليوم السابع”، “أصوات مصرية”، وترتكز موضوعاتها حول قضايا المرأة، والمجتمع، والعلوم والبيئة، وحصدت العديد من الجوائز الصحفية المحلية والدولية، فقد أسست مبادرة “مدرسة المناخ” عام 2021 بهدف تشجيع الصحفيين العرب على الكتابة حول مواضيع البيئة وتغير المناخ.
وتحدثنا ضياء عن تجربتها قائلةً: “بدأت العمل كصحفية حرة منذ العام 2017 لأنه مناسب لظروفي الأسرية ولا يستهلك وقتي كله حيث أعمل على موضوعات محددة وفي المجالات التي أرغب في العمل عليها، فمثلاً يمكنني العمل لمدة ثلاث ساعات في اليوم وذلك بدون ضياع ساعات طويلة في المواصلات وإهدار وقتي كله في ساعات العمل داخل غرف الأخبار، وبالتالي تمكنت من ممارسة هواياتي، ورعاية أسرتي الصغيرة”.
ولكن يشوب العمل كفريلانس الكثير من التحديات وتحكيها لنا ضياء قائلةً: “عدم الاستقرار المادي من أهم المشكلات التي تواجهنا، وفي أحيان كثيرة أحتاج خطاب توصية للسفر، ولا يمكن تحقيق التقدم الوظيفي مثلما هو موجود في بقية المؤسسات التي يرتقي فيها المحررون إلى مناصب أعلى بمرور الوقت، كما أن العائد الشهري متوقف على عدد الموضوعات التي ينتجها الصحفي الفريلانسر”.
وتنصحنا ضياء بامتلاك أدوات رقمية متنوعة للمنافسة في سوق العمل مثل “الإنفوجراف”، ويمكن للصحفي تعلُم الأدوات المجانية لعمل إنفوجرافيك بسيط وتضمينه في موضوعاته الصحفية، وتعلُم صحافة البيانات، وإنتاج تقارير صحفية بالموبايل، إلى جانب خلق فرص تعاون مع المؤسسات الدولية، والبحث عن منح لإنتاج تقارير وموضوعات صحفية، وترجمة الموضوعات الصحفية باللغة الإنجليزية للمشاركة في المسابقات الدولية، وتوسيع مجالات العمل كصحفي فريلانسر مع منصات عربية ودولية.
تعلُم الأكواد البرمجية وتقنية البودكاست
من جهته، يعلّق أحمد عصمت، استشاري تكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي قائلاً لـ”شبكة الصحفيين الدوليين”: “يجب أن يجيد الصحفيون المهارات الصحفية الأساسية والرقمية لأنها مهمة جدًا وتُميز كل صحفي عن الآخر، وأرى أنّ قرار مؤسسة “بي بي سي” ليس صادمًا على الصعيد المهني أو الأكاديمي، وهناك تجارب مماثلة رأيناها في الإعلام المحلي في عواصم وأقاليم مختلفة من دول العالم”.
وأضاف: “ينبغي أن نعي جيدًا مفهوم التحول الرقمي؛ فهو ليس مرتبطًا بالتقنية وشبكة الإنترنت فحسب، ولكنه مفهوم أوسع وأشمل ويتضمن الثقافة، والموارد البشرية، والمهارات التقنية، وغيرها من العناصر”، وأشار إلى أنّ المجال المهني سيشهد تحولات رقمية أخرى في الفترة المقبلة.
وفي السياق نفسه، ينصح أسامة الديب وهو مدرب معتمد في تدريس صحافة الموبايل، الصحفيين بأن يطوروا مهاراتهم الرقمية، وعدم الاكتفاء بمهنة الكتابة الصحفية والتصوير الفوتوغرافي فحسب، ولكن أن يتسع أفقهم لتعلُم كيفية إنتاج البودكاست، وتعلُم اللغات البرمجية، وكيفية إنشاء قصص بتقنية الكروس ميديا.
والعمل الصحفي ضمن إطار مؤسسي يحمل الكثير من المزايا والعيوب، والتي يحدثنا عنها الديب قائلاً: “قد يتحول الصحفي في بعض الأحيان إلى موظف يقوم بإنجاز مهامه برتابة وملل وينتظر حتى انتهاء دوام العمل، وفي أحيان كثيرة لا يستطيع الصحفي إنجاز كل ما في جعبته من أفكار، أما العمل الصحفي الحر، فمن أبرز تحدياته، غياب الأمان الوظيفي، وتقوم بعض المنصات بتقديم أسعار مختلفة للموضوعات التي يقدمها الصحفيون من نفس البلد، وهو ما يخلق تفاوتًا في أجور عمل الصحفيين”.
ويحدثنا الديب عن تجربته قائلاً: “بعد سنوات طويلة من العمل المؤسسي، اتخذت قرارًا بالعمل كصحفي فريلانسر، وقد حققت نجاحات كبيرة منها العمل كمدرب لنقل خبراتي إلى زملائي والأجيال الشابة، وقمت بتدريس مادة “صحافة الموبايل” في الكثير من الجامعات المصرية، وأسست “المؤتمر الدولي الأول لصحافة الموبايل”.
مهارات رقمية
هناك الكثير من المهارات الرقمية التي ينبغي أن يجيدها الصحفيون في العصر الرقمي، مثل تعلُم كيفية تصميم الإنفوجرافيك، والتصوير بالموبايل، وصنع البودكاست، وغيرها ونشارك معكم بعض هذه الأدوات والتطبيقات:
مواقع تصميم رسوم الإنفوجرافيك
تطبيقات إلكترونية خاصة بتحرير الفيديوهات
Kinemaster
أدوات التحقق من صحة الصور والفيديوهات
Google images أداة مجانية للتحقق من صحة الصور.
Tineye أداة مجانية للتحقق صحة الصور.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة المشاع الإبداع على موقع “Freepik” ويمكن تنزيلها من خلال الضغط هنا.