فادي الحسني
يشبه العمل في مجال الإعلام الإنساني السير على حبل فوق كتلة ملتهبة، وذلك لأنّ هذه المهمة حساسة وتنطوي على الكثير من المحاذير، وبخاصة عندما يتجاوز الإعلام الإنساني مفهومه، ويشكل انتهاكاً لخصوصية الأشخاص.
الشواهد على هذه الانتهاكات كثيرة، وبخاصة في الدول العربية التي تعاني من نزاعات وتضخم في نسب الفقر والبطالة، الأمر الذي دفع ببعض وسائل الإعلام أو منظمات العمل الإنساني في المنطقة، لتصدير صور الضحايا في أوضاع وظروف إنسانية قاهرة وحساسة، من دون الأخذ بعين الاعتبار حجم الأذى الذي يمكن أن يلحقه هذا الفعل بأولئك الأشخاص.
أضف لذلك، فإن القضية قد لا تشكل اختراقاً للمعايير الأخلاقية فحسب، بل للقواعد القانونية أحيانًا في بعض الدول، ولكن من يضمن الالتزام بهذه القواعد؟
في الأراضي الفلسطينية مثلاً، حاول دليل منع الفساد في المساعدات الإنسانية، الصادر عن ائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة “أمان” أن يضع الضوابط، كضرورة الانتباه إلى المظاهر الشكلية الخارجية كمكان سكن المستفيدين، إضافة إلى ضرورة تجنب استخدام عبارات أو كلمات من شأنها الحط من كرامة الإنسان أو تخويفه عند تسليم المساعدات. في المقابل، تضمن القانون الأساسي الفلسطيني نصوصاً عامة، كالتأكيد على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بأنها ملزمة وواجبة الاحترام.
أما في اليمن الذي يعيش أزمةً إنسانيةً هي الأسوأ في العالم وفقاً للأمم المتحدة، فلا يبدو الأمر مختلفًا بمعنى أنّ القوانين اليمنية فضفاضة وغير واضحة، وفق ما قاله بسام القاضي رئيس مؤسسة الصحافة الإنسانية لشبكة الصحفيين الدوليين، مضيفًا: “لا توجد مواثيق شرف أو مدونات سلوك عامة أو خاصة في اليمن، في حين أنّ انتهاكات عديدة تُرتكب خلال تغطية الصحافة للقضايا الإنسانية، سواء بقصد أو بدونه”.
وفي هذا الإطار، نفّذت مؤسسة الصحافة الإنسانية سلسلة تدريبات تهدف إلى أنسنة الإعلام وتوظيفه لخدمة القضايا الإنسانية والمجتمعية بحياد ومهنية واحتراف، بدون المساس بكرامة الإنسان، بحسب القاضي.
وتطرّق القاضي إلى بعض أنواع الانتهاكات التي تتجاوز أخلاقيات ومبادئ مهنة الإعلام ككل والصحافة الإنسانية بشكل خاص ومنها:
- تسييس القضايا الإنسانية لصالح طرف من أطراف الصراع وهذا انتهاك أخلاقي لمعيار التوازن والموضوعية.
- نشر الصور المهينة لكرامة الناس بدون مراعاة مبادئ وأخلاقيات التغطية الإعلامية المهنية للقضايا الإنسانية.
- عدم أخذ الأذن المسبق وإشعار من يتم تصويرهم عن جهة النشر والهدف من التصوير.
- تصوير بعض المواطنين خلال تلقيهم المعونة بشكل ينافي قواعد العمل الأخلاقي والإنساني.
- إعطاء وعود لمن يتم نشر صورهم بالحصول على الإغاثة والمساعدة، أو دفع مبالغ مالية للقبول بالتصوير.
وحول كيفية الموازنة بين بين احتياجات التغطية والالتزام بالمعايير الأخلاقية، قال القاضي: “يستطيع أن يوازن الإعلام الإنساني من خلال التقيد حرفياً بمبادئ وأخلاقيات الصحافة الإنسانية وأخلاقيات التصوير الصحفي الإنساني وموانع النشر، وبخاصة أنّ هناك صورًا تنشر وتبقى على الإنترنت لسنوات وقد تشكل صدمة نفسية لذويها في المستقبل، خصوصاً الأطفال”.
واستعرض رئيس مؤسسة الصحافة الإنسانية اليمنية، عددًا من البدائل التي يمكن الاستفادة منها لتجنب الوقوع في الفخ:
- التصوير من زوايا خلفية لا تظهر وجوه أو هوية المستفيدين.
- تغطية وجوه المستفيدين خلال عملية توثيق التدخل الهام والضروري.
- استخدام الرسوم البصرية، الانفوجرافيك، الفن التشكيلي أو الرسم الحر أو التصميم الرقمي لمحاكاة القضية الإنسانية الملحة.
- صناعة الصورة المعبرة، من خلال طلب المصور من المستفيدين اتخاذ أوضاع لا تمس كرامتهم وإنسانيتهم.
- التركيز على التقاط الصور العامة لا الخاصة.
- على المنظمات العاملة في المجال الإنساني مراعاة عدم نشر الصور التي تظهر هوية الأشخاص الكاملة والاكتفاء فقط بالتوثيق للمانح والأرشفة.
- في الحالات التي تخدم المصلحة العامة، يجب على المصور أخذ الأذن الخطي الكتابي لاستخدام الصور من أصحابها وإشعارهم بأمانة عن منصة النشر وغرض الاستخدام.
- يجب تجنب استخدام صور الأطفال لما لذلك من تأثير نفسي واجتماعي مستقبلاً، ومحاولة تصوير أطرافهم لتجسيد عمالة الأطفال على سبيل المثال.
IJNet