آندي هيرشفيلد
تتوفّر بعض الطرق التي يُمكن أن يلجأ إليها الصحفيون المستقلّون حتى يشعروا بالاستقرار ويسيطروا على أوضاعهم، وذلك من خلال إنشاء مصادر دخل مستقلة. ففي الوقت الذي يمكن أن يقدّم المتعاملون بانتظام مع الصحفيين والمؤسسات الداعمة مستوى معينًا من الموثوقية، يُمكن للصحفيين أن يستمرّوا بأعمالهم من خلال الاعتماد على شبكة أمان مالية، تتمثّل بالرسائل الإخبارية المدفوعة، والتدوينات الصوتيّة والفيديوهات.
ومن أجل أن يحقق الصحفي هذه الاستقلالية، يُمكنه الاعتماد على فترات العمل التي تتسم بالبطء، مثل مواسم العطلات، أو خلال فترة تفشي الجائحة حاليًا، والتي دفعت الكثير من المؤسسات الإعلامية إلى تجميد التوظيف أو تسريح العاملين، فيما أغلقت بعض المؤسسات أبوابها بشكل نهائي.
يعرض هذا المقال عددًا من الخطوات والطرق والخطط التي تُمكّن الصحفيين من تحديد الإيرادات المستقلّة، وتطوير أعمالهم الصحفية بهدف تحقيق النجاح على المدى الطويل:
التخطيط الاستراتيجي للمحتوى والتناسق
لا بدّ أن يُدرك الصحفيون أنّ التناسق والتماسك هما المفتاح الرئيسي للنجاح في أي عمل صحفي مستقلّ، سواء كان نشرة إخبارية، سلسلة فيديوهات، مدوّنات صوتية، أو عملًا مختلطًا ممّا سبق ذكره. ويصعب في بعض الأحيان على الصحفي أن يلتزم بالأوقات المحددة لتسليم الأعمال المطلوبة منه، ولذلك يُمكن أن يتبع إستراتيجية فعالة تتمثّل بأن يُنشئ محتوى مفيدًا، يُمكنه أن يستخدمه ويقدّمه للمتعاملين معه في أي وقت، ويمكن أن يكون هذا العمل مرتبطًا بعطلة أو حدث متكرر، ويقوم الصحفي بتحضير هذا المحتوى بشكل جيّد ويجدول نشره ويكون مثل هذا المحتوى مناسبًا لأي وقت في السنة.
على سبيل المثال، يمكن إعداد تقرير يتضمّن إضفاء الطابع السلعي على عيد الحب من أجل نشره في منتصف شهر شباط/فبراير، أو يعدّ الصحفي مقالًا مفصّلًا عن الحليب، ويكون مناسبًا للنشر في اليوم الوطني لشرب الحليب.
في هذا السياق، قالت لورين ستراهورن، مؤسسة ورئيسة تحريرNotedd ، وهي نشرة إخبارية مُخصّصة للنساء ذوات البشرة الملوّنة وتقدّم محتوى يرتبط بأحداث محددة خلال أشهر السنة: “يركز محتوى شهر أيار/مايو على الجمال، ولكن نُرسل التقارير مرفقة بفرص للتفكير في شهر التوعية بالصحة النفسيّة أو شهر التراث في آسيا والمحيط الهادئ”، ولفتت إلى أنّ النشرة البريدية لشهر حزيران/يونيو ستُركّز على العدالة العرقيّة.
والجدير ذكره أنّ التناسق يعدّ خطوة أساسيّة، لأنّ المحتوى المنتظم يجذب المزيد من المشتركين، ويساهم في تعزيز الجمهور المخلص. وبحسب منصة الرسائل الإخبارية سابستيك، فإنّ تحويل 10% من المشتركين بشكل مجاني إلى مشتركين يدفعون مقابل اشتراكهم شهريًا، هو معدل جيد.
ومن أجل تشجيع الجمهور على الإشتراك، يجب أن يقدّم الصحفي محتوى مميزًا ومفيدًا يحتاجه القراء والمشاهدون والمتابعون. وعلى الصحفي أن يضفي طابعًا فريدًا للمحادثة أو أن يوفّر إحساسًا بالانتماء للمجتمع، كما يمكن أن يقدّم أمورًا ملموسة، مثل طرق للوصول إلى قوائم خاصة بالوظائف والفرص الحصرية.
وقد وجدت بريتاني روبنسون، وهي مؤلفة نشرة “سؤال واحد إضافي” الإخبارية الموجهة إلى الكتّاب المستقلين، أنّ هذه الطريقة تؤدّي إلى النجاح، إذ غالبًا ما تتضمن نشراتها دعوات مختلفة لتقديم مقترحات، ومنح وفرص ذات فائدة للقراء.
تقديم طلبات ومقترحات للحصول على منح وتمويل
كما وردَ سابقًا، فإنّ الفترات التي تتسم بالبطء في العمل تعتبر وقتًا مناسبًا لإعداد مقترحات للكتابة أو تحضير عروض للحصول على منح، وقد يستغرق هذا العمل وقتًا وهو غير مضمون النتائج. وفي هذا الإطار، قالت روبنسون: “أحاول أن أضع مواعيد نهائية للتحضير للمقترحات عندما لا أكون بصدد إعداد عمل بشكل عاجل”، ولفتت إلى أنّ “تكرار هذا العمل يساهم في قدرة الصحفيين على العمل بشكل سريع، لأنّهم يكتبون ويعيدون إعداد المقترحات أكثر من مرّة”.
كما تتطلّب بعض المقترحات الكثير من المعارف أو بعض الاجتماعات قبل الانطلاق بتنفيذها، ولكن حتى بحال لم يحظَ الصحفي بموافقة المحرر لتنفيذ مقترح ما، إلا أنّ اطلاعه وتحضيره المقترحات يمنحه أفكارًا لقصص وتقارير يُمكنه أن يعمل عليها في المستقبل، وأحيانًا، يمكن إعادة صياغة المحتوى وعرضه بطريقة جديدة، على شكل نشرات إخبارية أو محتوى مرئي أو نشرات بريدية، إذ لا يجب أن يضيع الإعداد المسبق هباءً.
تحديد فرص للتحدث
تتوفّر طريقة ليتميّز فيها الصحفي المستقلّ عن الآخرين وهي عندما يُصبح رأيه مسموعًا أو موثوقًا في موضوع ما، حيث يتمّ استقباله كضيف في برنامج تلفزيوني أو إذاعي للتعليق على موضوع معيّن، أو عضو لجنة في حدث ما، أو مُيسّر جلسة. ويمكن أن يستفيد الصحفي من فترات العمل البطيئة لتطوير مجالات خبرته ومهاراته ولوضع المقابل المادي الذي يجده مناسبًا لعمله، وتحديد الأحداث التي يمكنه أن يشارك فيها. كذلك يُمكنه أن يلجأ إلى التدريب المهني أو العمليات الاستشارية.
وينصح كاتب المقال جميع الصحفيين بمعرفة قيمتهم المهنية ولفت إلى أنّه لا يدير الجلسات بشكل مجاني، إلا إذا كان لديه اتصال شخصي بالحدث، مثل الجلسات المتعلّقة بخريجي الكلية. وقال الكاتب: “بما أنّ الصحفي لديه خبرة ويحترف العمل الإعلامي، فإنّ العروض التقديمية أو الخطابات تعدّ جزء من مجموعة ما يقدّمه”، مضيفًا: “لم أوافق مؤخرًا على فرصة أتيحت لي لإدارة حدث استضافته شركة خدمات مالية لأنها لم تقدم أجرًا لي، وذلك على الرغم من أنني كنت متحمسًا لتقديم الحدث”.
وأشار إلى أنّه لا يجب الخلط بين هذه العروض وبين تقديم الأعمال الصحفية المطبوعة أو الرقمية على إذاعة أو من خلال البرامج التلفزيونية أو المشاركة كعضو لجنة في حدث ما، فهذه المشاركات تعزّز الأعمال الصحفية وتدفعها قدمًا، مثل الترويج على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي الختام، يشير الكاتب إلى أنّه يجدر بالصحفيين الإستفادة من فترات العمل البطيئة وتحويلها إلى فرص ولأساس لإعداد نجاح على المدى الطويل وتطوير العمل الصحفي ولتأمين بعض الدخل عندما تسير الأمور بشكل سلسل.
IJNet