علي الإبراهيم
تشكل عملية إقناع وسائل الإعلام بفكرة تنفيذ مقترح تحقيق استقصائيّ مهمة صعبة خاصة وأنه لا يوجد عدد كافٍ من المنصات الإعلامية المستعدّة للانخراط في تقارير الصحافة الاستقصائية، لا سيما وأنّ التحقيقات تستغرق وقتاً طويلاً وتكلفتها مرتفعة.
ويواجه الصحفيون الاستقصائيون عددًا من التحديات خلال تسويق الفرضية من بينها رفض إنتاج الفكرة. ولضمان قبول الفكرة وإنتاج التحقيق تؤكد الصحفية مجدولين حسن، وهي محررة النسخة العربية في الشبكة الدولية للصحافة الاستقصائية GIJN، في حديثٍ مع شبكة الصحفيين الدوليين أنّ أهم النصائح حول كتابة عروض القصص لإقناع الوسائل الإعلاميّة بضرورة تنفيذ التحقيق تتمثّل بالتالي:
سلامة الفكرة وأصالتها: لا يميل المحررون إلى دعم فرضيات لتحقيقات تم نشر قصص حولها سابقًا، مهما بدت القضية ذات أهمية، في حال رغب الصحفي أن يبحث في فرضية نشر حولها من قبل، فعليه إثبات أن النتائج التي سوف يتوصّل إليها ستحتوي على حقائق جديدة تمامًا.
الفرضية: عادة ما يقع الصحفيون في فخ البحث في فرضيات مواضيع لا تستحق تناولها في تحقيق صحفي، أو مثلا تكون الفرضية عامة لموضوع غير محدد، بالتالي يصعب التحقيق فيها ولاحقًا إثباتها.
عدم دراسة السوق جيدًا، وأولويات المؤسسات الاعلامية: في بعض الأحيان يقدم الصحفي فرضية جيدة لمحرر في مؤسسة ما لكن ترفض ببساطة لأنها ليست على سلم أولويات المؤسسة او تخالف خطها التحريري، لذا ينصح بإجراء أبحاث حول المنصات الإعلامية التي قد تتعاون معها، ولا تركّز فقط على المنصّات التي تنشر عادةً مقالاتٍ استقصائيّة، بل فكّر أيضًا بالمنصّات المهتمّة بموضوعك.
ويشير دليل الصحافة الاستقصائية، وهو مشروع لبرامج وسائل الإعلام العالمية لمؤسسة كونراد أديناور، إلى أبرز نقاط العرض التي يجب أن يشملها المقترح المرسل للإنجاز، حيث يجب أن يتضمن المقترح، مخططًا للقصة بشكل واضح، كذلك يجب أن يجيب عن سؤال واضح: لماذا هذه القصة مناسبة لهذه الوسيلة أو هؤلاء القرّاء على وجه التحديد؟
ويؤكد الدليل على ضرورة وجود سرد موجز لفكرة التحقيق والمنهجية التي سوف يتم استخدامها لإثبات التحقيق، حيث ينبغي أن يشمل العرض المقدم إلى المنصات الإعلامية المستعدّة للانخراط إنجاز التحقيق الاستقصائي على ما يلي:
- مخطط قصة.
- لماذا هذه القصة مناسبة لهذه الجريدة أو هؤلاء القرّاء على وجه التحديد.
- سرد موجز لمنهجية.
- جدول زمني.
- ميزانية وقد أعدّ Rory Peck Trust عدّة قوالب جاهزة للمساعدة في إعداد الميزانيات.
بدورها وضعت المحررة التنفيذية للتحقيقات لدى Type Investigations Investigative Fund سارة بلستاين، قائمة تتضمّن عددًا من النصائح حول كتابة عروض القصص مع ضرورة أن يكون العرض قصيراً و مباشراً. كما توصي عادة بأن يكون العرض من أربع فقرات مع أربعة بنود مهمة هي:
- ما هي القصة.
- لماذا تهمنا – ولماذا تهمنا الآن.
- ما هي النتائج التي توصلت إليها.
- لماذا يجب أن تكون أنت من يكتب القصّة.
كذلك ينصح القائمون على وسائل الإعلام من بينها الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية، سراج، الصحفيين الاستقصائيين بعدد من الخطوات التي يمكن أن تساعد الصحفي في تسويق فكرته بما يلي:
- ضرورة أن تكون لديك زاوية لفكرة فريدة من نوعها (جديدة وغير معروضة سابقًا).
- تقديم الاقتراحات التي تكشف معلومات أصيلة.
- اعرف من هم أبطال قصتك ولماذا قد تهمّ القرّاء هذه الشخصيات والتحقيق.
- قدّم عرضًا موجزًا حول مهاراتك في الكتابة ولماذا أنت الشخص المناسب لإنجاز هذا التحقيق.
- التحديد (تطرح قضية محدّدة بعينها).
- أن تكون الفكرة فيها مصلحة عامة (يوجد حجم كبير من المدنيين المعنيين/المتضرّرين/المرتبطين بالقصة).
ورغم أن الصحفيين يمتلكون أفكاراً، إلا أن وسائل الإعلام تتلقى يومياً مئات المقترحات، القليل منها فقط يُقبل وينتقل لمراحل الإنتاج. والسؤال: كيف يمكن أن تتحول الفكرة إلى تحقيق استقصائي، لذا ينصح بما يلي:
- قدم ما لديك من وثائق وأدلة توضح أنّ أمام الوسيلة فكرة تحقيق فريدة يمكن أن تُروى وتكشف خفايا القصص.
- تقديم شرح موجز عن كيفية العمل على التحقيق، والمدة الزمنية ومكان العمل، كذلك عرض سريع حول خبرتك أو المهارات التي تمتلكها لإنجاز التحقيق.
- من الضروري أن يتم تقديم فرضية التحقيق الاستقصائي بشكل واضح وسهل ويتم تقديمه بقالب مشوق وفي الوقت المناسب.
- عادة ما يتضمن رابط التقديم لفكرة تحقيق استقصائي أسئلة عليك التفكير بها جيداً قبل الإجابة حول ما الذي تخطط لمعالجته، ولماذا هو مهم ومثير للاهتمام، وكيف ستتم معالجة المقترح، حيث ينبغي أن تكون مستعداً وتقدّم معلومات كافية وحقيقية حول:
ما هي مؤهلاتك الخاصّة التي تمكّنك من الكتابة عن هذا الموضوع؟
ما هي المهارات التي تمكنك من الوصول إلى المصادر؟
هل عملت على الموضوع سابقاً، وهل هناك منصّاتٌ إعلاميّة أخرى غطّت الموضوع نفسه وكيف ستكون قصتك مختلفة؟
من جهتها، توضح جوليا هوتز وهي صحفية متخصصة في شبكة صحافة الحلول وتعمل على تحسين وسائل الإعلام، وتمكين الصحفيين من الترويج للأفكار وقصصهم أنّ ما يبحث عنه المحررون يكمن بالأفكار الفريدة، وقدّمت مجموعة من النقاط التي تساعد في تسويق فكرة التحقيق الاستقصائي للمؤسسات من أهمها: تقديم إجابة واضحة ومفصلة على سؤال: لماذا يجب أن يهتمّ القرّاء بالموضوع؟ كما ينبغي أن تعطِي الانطباع بأنّك راوي قصص جيّد، وأنّ أمام وسيلة الإعلام قصة يمكن أن تُروى وتخلق التأثير وأنك مؤهلٌ لإنجازها.
ورغم أنّ المنصات الإعلامية الاستقصائية تتطلّب الكثير من المعلومات وتطرح بعض الأسئلة الصعبة لمعرفة مقترح الفرضية التي يعمل عليها الصحفي إلا أنّه من الضروري عند تسويق الفكرة توضيح ما يلي:
من هو المتضرّر؟
ما الذي يجعلها قصّة مهمة ويجب أن يتم انتاجها؟
ذكر بعض المعلومات الفريدة التي اكتشفتها أو تسعى لكشفها.
هل ستعمل بشكل منفرد ومحلي أم ستعمل مع مجموعة عابرة للحدود وكيف ستكون قصتك مختلفة عن أي صحفي عمل عن الموضوع؟
أخيراً، إن كتابة اقتراح جيد يشبه كتابة قصة جيدة، لذا تأكد من فهمك للمتطلبات، حيث يجب أن تفهم ما الذي تبحث عنه وسائل الإعلام المهتمة بالتحقيقات الاستقصائية، وليس مجرد قص ولصق شيء قمت به سابقًا.
IJNet