عبداللطيف حاج محمد
كناشرين وصانعين ومستهلكين للمحتوى عبر الإنترنت، تغمرنا الأخبار والمعلومات كل يوم. إن معرفة ما إذا كان الشيء صحيحاً أم لا، ليس دائماً أسهل مهمة. وقد يكون من الصعب تقييم المصادر على الإنترنت لأن كمية المعلومات المتاحة ضخمة. وفقاً لجوجل، يتكون الويب من حوالي 60 تريليون صفحة (60 مليون مليون صفحة). في الوقت نفسه، هناك قدر كبير من المعلومات والبيانات المتاحة عبر الإنترنت، ولا تظهر عبر خدمات البحث.
المحتوى الموجود على الإنترنت يتكون من تنسيقات معلومات متنوعة، مثل النصوص أو الصوت أو الصور أو الفيديو أو برامج الكمبيوتر. بطريقة ما يجب أن نكون قادرين على إيجاد ما نبحث عنه في هذه الكتلة الهائلة من المعلومات.
هنا يأتي دور محرك البحث ووظيفة الخوارزمية. تتمثل مهمة الخوارزمية في التعامل مع كميات كبيرة من المعلومات وفقاً لتعليمات مبرمجة مسبقاً. عندما تستخدم محرك بحث، فإن الخوارزمية هي التي تحدد كيفية ترتيب نتائج البحث الخاصة بك.
وتتعرض مواقع مثل جوجل التي تمتلك 90 في المائة من جميع عمليات البحث، وفقاً لشركة تحليلات الويب Statcounter. وغيرها للانتقادات عديدة، حيث يتم إلقاء اللوم عليها للمساعدة في نشر أخبار مزيفة ومسيئة وزيادة تضليل الجمهور. على وجه التحديد، تم إلقاء اللوم على جوجل لإظهار موقع ويب للنازيين الجدد كأفضل نتيجة عندما يبحث المستخدمون عن معلومات حول ما إذا كانت الهولوكوست قد حدثت أم لا. ويجادل الخبراء بأنه نظراً لأن جوجل، تكتب الكود الذي يؤدي إلى ظهور نتائج البحث، فإنها مسؤولة عن دقة النتائج المذكورة.
لذلك يتطلب الأمر أن يكون لدينا معرفة بأشكال الوسائط المختلفة، وكيف تعمل الخدمات المختلفة، وكيف يتم نشر المعلومات وأيضاً حول نقد وتقييم المصدر، أي الطريقة التي تسمح لنا باختيار المصادر التي نريد استخدامها بوعي، وبشكل صحيح.
هذه الفوضى، دفعت جوجل إلى ابتكار ميزة “التحقق من صحة الأخبار” وهي ميزة ملحقة بنتائج بحث جوجل، تفيد في التحقق من المعلومات والأخبار والتقارير الاستقصائية في نتائج البحث والأخبار، والتي تشير أو تحدد ما إذا كانت نتيجة البحث تعتبر جديرة بالتصنيف تحت بند “المعلومات الصحيحة”. حيث يحدد هذا التصنيف المقالات التي تتضمن معلومات تم التحقق منها بشكل مستقل ومنهجي وتقيم مصداقيتها القائم على الأدلة والسياق من قبل ناشري الأخبار، ومجموعة من المؤسسات الدولية غير الحزبية والمختصة بالتحقق من الحقائق مثل PolitiFact وSnopes والتي تساعد جوجل والعديد من محركات البحث في تحديد صحة المعلومات المنشورة، وعرض هذه النتائج للمستخدمين الذين يبحثون عن تلك المعلومات عبر الإنترنت.
كذلك تمكين الناشرين من إظهار علامة “Fact Check” في أخبار جوجل للقصص الإخبارية. بهدف الوصول إلى المعلومات عالية الجودة. في محاولة لتحفيز الناس لاستمرار في استخدام الإنترنت، وللناشرين ومنشئي المحتوى من المواصلة المشاركة والاستثمار فيه.
تتكون أدوات التحقق من صحة الأخبار من أداتين: مستكشف التحقق من صحة الأخبار، وأداة ترميز التحقق من صحة الأخبار تهدف كلتا الأداتين إلى تسهيل عمل مدققي الحقائق والصحفيين والباحثين.
هذا يعني أن جوجل لا تؤيد، أو تنشئ أياً من عمليات التحقق من صحة الأخبار هذه. إنما تسمح لمؤسسات دولية متخصصة في معالجة الأخبار والحقائق من فعل ذلك. كذلك أداة التحقق من جوجل لا تركز حصرياً على السياسة (على الرغم من أن التدقيق السياسي للحقائق يشكل جزءاً كبيراً من عملها).
ونظراً لأن المواد التي تتعامل معها هذه المؤسسات يمكن أن تتضمن كل شيء، من تحليل ما إذا كان قد تم التلاعب بالصورة رقمياً إلى شرح نص مشروع قانون للكونغرس مثلاً، لذلك لا يمكننا وصف أي طريقة واحدة تنطبق على جميع عمليات التحقق من الأخبار.
لكن بشكل عام، يتم تخصيص كل موضوع إلى أحد أعضاء هيئة التحرير، الذي يقوم بإجراء البحث الأولي ويكتب المسودة الأولى للتحقق من صحة الأخبار.
يبدأ البحث (كلما أمكن ذلك) بمحاولة الاتصال بمصدر والمطالبة بتوضيح والمعلومات الداعمة. والاتصال بالأفراد والمنظمات الذين سيكونون على دراية بالموضوع المطروح أو لديهم خبرة ذات صلة به، بالإضافة إلى البحث عن المعلومات المطبوعة (المقالات الإخبارية، مقالات المجلات العلمية والطبية، الكتب، نصوص المقابلات والمصادر الإحصائية).
اعتماداً على طبيعة الموضوع وتعقيده، قد يساهم أعضاء هيئة التحرير الآخرين في إجراء بحث إضافي والتحرير. سوف يمر المنتج النهائي بين يدي محرر واحد آخر على الأقل. أي قطعة لا تعتبر مطابقة لمعايير التي وضعتها هذه المؤسسات من قبل محرر واحد أو أكثر تخضع لمزيد من المراجعة والمراجعة قبل إصدارها للنشر.
بالنسبة للناشرين الرقميين، يُمكنهم تضمين ميزة التحقق من المعلومات، لكن يجب أن يستخدموا ترميز Schema.org ClaimReview في الصفحات المحددة حيث يتحققون من صحة البيانات العامة، أو يمكنهم استخدام أداة Share the Facts التي طورها مختبر مراسلون بجامعة ديوك.
قبل استخدام هذه الأداة، كانت الطريقة الوحيدة لتوفير ترميز منظم (مثل ترميز schema.org/ClaimReview) لصفحة ما هي تضمين الترميز في HTML للمقالة. حيث تطلبت هذه العملية مستوى معيناً من الخبرة الفنية ويمكن أن تكون عرضة للخطأ. لذلك جاءت الأداة لتسهيل عملية إنشاء ترميز، من خلال السماح بإرسال الترميز عبر نموذج ويب بسيط دون الحاجة إلى إضافة أي شيء إلى المقالة نفسها. حيث ستتم معاملة الترميز الذي تم إنشاؤه باستخدام هذه الأداة مثل الترميز الذي تم تضمينه في المقالة مباشرةً.
هذه الجهات الثلاثة، لعبت دوراً محورياً في إطلاق أداة التحقق من صحة الأخبار الجديدة. لكن يجب أن يلتزم صانع المحتوى بالسياسات العامة، ومعايير ناشري أخبار جوجل للتحقق من صحة الحقائق، ومعايير المساءلة والشفافية، وقابلية القراءة كما هو موضح في الإرشادات العامة لأخبار جوجل. إذا كان أحد الناشرين لا يفي بهذه المعايير أو يحترم هذه السياسات، فيجوز لجوجل تجاهل الإشارة إلى هذا الموقع أو إزالته تماماً من أخبار جوجل.
أكثر من أي وقت مضى من المهم الحديث عن مصطلح المعلومات المضللة والمزيفة، هذا المفهوم له مرادفات – حملات التضليل والدعاية الإلكترونية والقرصنة المعرفية وحرب المعلومات.