بالتوازي مع التغيرات التي تطرأ باستمرار على المشهد الإعلامي، تتغير الطريقة التي يتفاعل بها الصحفيون مع منظمات المجتمع المدني. وسُرعان ما تحوّل التعاون في مجالات مختلفة، حيث يعمل الصحفيون جنبًا إلى جنب مع المنظمات غير الربحية والمجتمع المدني، إلى طريقة جديدة لسرد القصص المؤثرة.
ولفهم كيف يحدث هذا التعاون ولماذا، من المهم الإشارة إلى ما يحفز المنظمات الصحفية في المقام الأول:
تحفيز المشاركة والتأثير
تبحث غرف الأخبار عن طرق مبتكرة لنشر القصص وجذب جمهور أكبر وإحداث المزيد من التأثيرات، وهذا ما يمكن تحقيقه من خلال التعاون مع منظمات المجتمع المدني.
من جهتها، قالت مونتورايو ألاكا، المديرة التنفيذية لمركز وولي سوينكا للصحافة الاستقصائية بمدينة لاجوس النيجيرية، إنّ “جماعات المناصرة بإمكانها نشر عملك بالشوارع وبين المجتمعات المختلفة”.
وتستطيع منظمات المجتمع المدني أن تساعد مؤسسات الإعلام في العثور على المساعدة فيما يتعلق بأعباء العمل. كما يمكنها مساعدة غرف الأخبار في تطوير المهارات والمعرفة بشأن موضوعات محددة، مثل النفايات الإلكترونية في الهند واستخراج النفط في منطقة دلتا النيجر.
وبحسب نصيحة ألاكا، فعند “عقد الشراكة مع الآخرين، يمكنك شرح [المعلومات] بطرق يفهمها الناس حتى نتمكن من تنشيط مشاركتهم”.
وتستوجب المشروعات الصحفية التي تحظى بالتغطية الجيدة رغبة أكبر في إحداث التأثير، وهذا ما يرغب الصحفيون به، إذ يريدون أن يشهدوا الفرق الذي تحدثه أعمالهم.
من جانبه، أوضح بانكاج ميشرا، المؤسس المشارك لموقع Factor Daily، أنّ الصحفيين يتساءلون “كم منّا يصل حقًا إلى الجماهير العريضة؟”، أكثر مما يهتمون بالتركيز على قياس ردود الأفعال وإنتاج القصص للإعلام السائد.
ووفقًا للجلسة النقاشية، فإنّ تأثير المقال يمكن قياسه من خلال ردود الأفعال وكذلك ترجمته إلى لغات مختلفة أو تحويله إلى فيديوهات تفاعلية أو أغانٍ أو مسرحيات أو دمجه مع السياسات العامة.
التحديات التي تواجه التعاون
تواجه المشروعات التعاونية تحديات كثيرة، مثل ضمان محافظة القصص على منظورها الصحفي، بدلًا من منظور حملات المناصرة. وبحسب نصيحة ميشرا، فإنه من المهم للصحفيين أن يجروا أبحاثهم حول المنظمات قبل اتخاذ القرار بشأن كيفية التعاون معها.
كما أشار ميشرا إلى أنّ صنّاع المحتوى عبر منصات مثل يوتيوب من بين الفئات المناسبة للتعاون، فهم يتيحون للصحفيين الوصول إلى مجتمعات متخصصة. كما يستطيع هؤلاء المؤثرون جذب الاهتمام وإحداث التأثير ضمن مجموعات معينة، ولا سيما الشباب.
ونظرًا لأنّ المشروعات التعاونية لا تشبه بعضها البعض، أوصت ستونبيلي بتوضيح دور كل منظمة في كل مشروع صحفي أو بحثي، ونصحت بتبني الشفافية بشأن توقعات كل جانب، بما في ذلك المعرفة وإسناد الفضل والأموال ونطاق التأثير، ونصحت كذلك بمناقشة التأثير المستقبلي والمخاطر التي قد ينطوي عليها.
وأضافت ألاكا أنّ بإمكان كتابة المقترحات وعقد الجلسات الإعلامية مع منظمات المجتمع المدني المساعدة في وضع أرضية مشتركة وتجنب الإرهاق. وهكذا يستطيع الصحفيون الاستماع إلى المشاكل التي تواجه المجتمع واستكشاف القصص التي لا تحظى بالتغطية الكافية.
كما يمكن للعمل مع منظمات المجتمع المدني أن يساعد الصحفيين في تيسير الوصول إلى المجتمعات والتعاون لسد الفجوات المعرفية. ولكن ينبغي إدراك الفرق القائم بين الحياد أو الموضوعية وبين المناصرة.
وفي هذا الإطار، قالت ألاكا إنّ “الصحفيين بإمكانهم إقامة الصداقات مع الكثيرين، ولكن لا يمكنهم الاندماج مع أي منهم”.
وفي حين أنّ عمل مجموعات المناصرة ينطوي على حشد الناس والدعوة للتغيير، فإن الصحفيين يحتجّون من خلال تقديم التقارير العادلة حول الأمور التي تؤثر على المجتمع.
وأكدت ألاكا أنّ الصحافة ليست مثل المناصرة، ومع ذلك فإنها ليست محايدة تمامًا. وأضافت أنّ “الصحافة ليست مهنة موضوعية بالكامل. فهي تنحاز للحقيقة وللعدالة ولحقوق الإنسان”.
IJNet