علي الإبراهيم
في أعقاب الزلزال المدمّر الذي ضربَ تركيا وشمال غربي سوريا، تعرض الصحفيون للكثير من الضغوط التي تتطلب التّعافي والتّعويض.
ويمكن للصحفيين التقديم إلى عدد من الزمالات والحصول على منح تساهم في تمويل مشاريع لتغطية الأزمة، فيما يرحب بعض المموّلين بالمقترحات على اختلاف أنواعها. ولكن كيف يمكن العثور على المنح، وكيف يمكن التقدُّم لها. للإجابة على الأسئلة الكثيرة التي تراود الصحفيين المتضررين، يمكن الاستفادة من هذا الدليل الإرشادي الذي يضمّ مجموعة إرشادات ونصائح للتقديم على المنح، وما سيتوجب على الصحفيين فعله لتحقيق أهدافهم.
في البداية، لا بد من الإشارة إلى ضرورة الاطلاع على إعلان وشروط أي جهة داعِمة، حيث يقدّم معظم المانحين إرشادات مفصّلة عن نوعيّة المشاريع التي يريدون دعمها، مع مجموعةٍ واسعةٍ من المتطلّبات والمكاسب. لدى بعض المانحين مواعيد نهائية ثابتة، والبعض الآخر لديهم مواعيد نهائيّة مفتوحة. قد تكون هناك قواعد فيما يخصّ اللغة والمحتوى والنّشر.
في هذا المقال، جمعت شبكة الصحفيين الدوليين قائمة بأبرز الموارد المالية التي يمكن التقديم إليها بعد وقوع الزلزال، إضافة إلى إرشادات ونصائح للصحفيين لمساعدتهم في العمل على تحقيقات بعد وقوع الزلزال:
منحة الراحة والملجأ: أنشأت عام 2015 كمشروع مشترك بين منظّمة مراسلون بلا حدود في ألمانيا ومؤسسة تاز بانتر، وتتّخذ من برلين مقرًا لها. تتيح للصّحفيين الراحة من العمل الصحفيّ، وترْك مسافةٍ بينهم وبين عملهم، والانخراط في تدريب على الصّمود والعلاج النفسي.
يعتبر صندوق المؤسسة الإعلامية الدولية للمرأة (IWMF)، المخصص للطوارئ للصحفيين الإناث والذكور، صندوق إغاثة لتوفيرالمساعدة المالية للصحفيين الذين يواجهون صعوبات مالية ولا يستطيعون دفع التكاليف لدعم احتياجاتهم في أوقات النزاعات والحروب والكوارث الطبيعية، ومن بينها الزلزال. يمكن أن يقدّم الصحفيون/ات إلى هذا الصندوق للحصول على دعم لمتابعة عملهم.
كذلك يوفر صندوق روري بيك الدعم للصحفيين حول العالم من خلال برنامج مخصص لمساعدة الموظفين المستقلين، حيث يدعم الصحفيين المستقلين وعائلاتهم في أوقات الأزمات والكوارث الطبيعية. ويوفر المساعدة والدعم من أجل تعزيز عملهم وسلامتهم، ودعم حقهم في الإبلاغ بحرية ومن دون خوف.
يقدم مركز بوليتزر منحًا مالية بشكل شبه مستمر لإعداد التقارير عن الأزمات ويتعاون المركز مع الصحفيين وغرف الأخبار لدعم التقارير المتعمقة حول القضايا العالمية الحرجة لتثقيف الجمهور وتشجيع الحلول وتحسين الحياة، حيث يمنح المركز أكثر من مليوني دولار سنويًا لدعم مباشر للصحافة في وقت تعاني فيه المهنة من ضغوط مالية في صناعة الأخبار.
من جهتها، تقدّم لجنة حماية الصحفيين (CPJ) برنامجًا لمساعدة الصحفيين، وتقديم الدعم من الناحية القانونية والطبية والمساعدة في نقل الصحفيين المعرضين للخطر، جنباً إلي جنب مع دعم عائلات الصحفيين. لمعرفة المزيد، يمكن الضغط هنا.
كما أطلقت شبكة الصحفيات السوريات منحًا مالية صغيرة للصحفيات والمدافعات عن حقوق الانسان المتضررات من زلزال سوريا وتركيا، حيث تعمل الشبكة على تقييم الاحتياجات العاجلة لهن ومحاولة دعمهن من خلال وصلهن بالمؤسسات ومزودي الخدمات لتلبية الاحتياجات الطارئة.
كذلك بإمكان الصحفيين التقديم للحصول على الدعم من الصندوق الأوروبي للديمقراطية من خلال هذا الرابط.
ولمزيد من الفرص على المستويين المحلي والإقليمي، يمكن للصحفيين مراجعة قسم الفرص على موقع شبكة الصحفيين الدوليين باللغة العربية والذي يعرض بشكل متواصل جميع الفرص.
في حين أنّ هناك الكثير من المنح الجيّدة والتي يمكن للصحفيين التقديم إليها إلا أنّ هناك من يعتقد أن للتمويل قيوده الخاصّة، منها خلق حالة من الاعتماد على المنح التي تحتاج لوقت لمعالجتها، والابتعاد عن العمل الصحفي السريع وتغطية القصص الآنية التي قد تنقذ حياة الناس الذين تعرضوا للزلزال.
تقسيم فترات تغطية الزلزال
وعليه يُشير خبراء إلى أنه على الصحفي أن يقسّم فترات تغطية الزلزال إلى مراحل، تمامًا كما تعمل فرق الإنقاذ، التي تبدأ بمرحلة الاستجابة الأولية للعالقين تحت الأنقاض ثم مرحلة الإيواء والتعافي وبعدها مرحلة التأهيل، فمن غير المنطقي البحث عن التمويل مثلاً أو عن بيانات لها علاقة بمطابقة الأبنية للمواصفات الفنّية الآمنة، بينما ما زال هناك أشخاص تحت الأنقاض في الساعات الأولى لوقوع الزلزال. عند فهم المراحل التي تمرُّ بها الكوارث، يمكن فهم نوعية المعلومات التي يحتاج الناس حول العالم معرفتها، وكذلك الحال يمكن إيصال صوت الناس الذين يعانون بأفضل شكلٍ ممكن.
في هذا السياق، يقول أحمد حاج حمدو، وهو صحفي استقصائي سوري وأحد مؤسسي الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية – سراج، لشبكة الصحفيين الدوليين: “تتوفّر بيانات مهمّة بعد الساعات الأولى للزلزال، ومنها:
- حجم الخسائر البشرية، وعدد العالقين تحت الأنقاض.
- عدد المدن المتضرّرة مع آلية الاستجابة لهذه المدن والمناطق.
- الجهات التي تعمل على مساعدة العالقين وإجلائهم.
- المآوي التي لجأ إليها من فقدوا منازلهم، عددها وطاقتها الاستيعابية مقابل أعداد من شُرّدوا.
- أبرز الاحتياجات الملحّة التي يجب تقديمها للمنكوبين، هنا يجب التفكير في كل شيء بما في ذلك مثلًا الأكفان والقبور لمراسم دفن من فقدوا حياتهم.
ويقدّم الصحفي حاج حمدو الذي يُشرف على تحقيقات استقصائية يعدّها صحفيون لتغطية الزلزال بشكل مهني، مجموعة من الإرشادات التي تساعد على تحليل وتقديم الحلول وفهم المواقف بشكلٍ أفضل:
- على الرغم من أنّ الصحفيين المحترفين يدقّقون المعلومات خلال إعداد قصصهم، لكن في حالة مثل الزلزال يجب التدقيق في كل معلومة سواء كانت محط شك أو لا، لا سيما وأنّ نسبة المعلومات المضللة تزيد خلال الكوارث.
- مهما بلغت أهمية القصّة، لا بد من التمسّك بقواعد السلامة الجسدية، فالأولوية دائمًا أن يبقى الصحفي على قيد الحياة، فلا يجب أن يدخل الصحفي ليصوّر داخل بناء متضرّر بشكلٍ كبير وهو آيل للانهيار في أي لحظة.
- على الرغم من أهمية بث ونشر الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر المأساة، ولكن لا يوجد أي منفعة من بث صور وفيديوهات من دون الالتزام بأخلاقيات المهنة، خصوصًا عند تصوير الأطفال، أو حتّى تصوير وجوه الأشخاص بعد موتهم بحالة دموية، إذ يجب طمس معالم وجوههم لتفادي المزيد من المآسي النفسية.
- يجب إعطاء الأولوية لنشر القصص والمعلومات والبيانات على الجودة الفنّية، فالمعلومات مهمة جدًا حتى لو كانت بكاميرا هاتف متوسّط الجودة.
- لا يجب أن ينتظر الصحفيون البيانات لنشرها، لأنّهم لن يجدوا شيئًا سوى الأرقام، لذلك على كلّ صحفي أن يبادر وينشئ بياناته ومعلوماته الخاصة من خلال التواصل مع كل الأطراف المرتبطة بالزلزال، وأن يطلب منها معلومات وبيانات عمّا قدّمت وفعلت.
- في حال الوصول إلى بيانات قوية، من الضروري عدم الاختباء خلف الأرقام، بل ربطها بالمأساة وإعطاء دلالات عليها. فعلى سبيل لا يكفي نشر بيانات مرتبطة بالمساعدات التي وصلت للمنكوبين، بل يجب فهم أنواع هذه المساعدات العينية، مقابل أنواع المساعدات التي يحتاجها المنكوبون فعلًا، من الجيد أن نخرج بقصّة مدفوعة بالبيانات نخلص فيها إلى أبرز احتياجات ضحايا الزلزال كحليب للأطفال ووقود للتدفئة، في حين وصلتهم كميات كبيرة من الألبسة التي لا حاجة لها، هذا النوع من القصص مؤثّر ومفيد على الأرض.
أخيراً، يمكن للصحفيين الاستفادة من دليل العناية الذاتية للصحفيين المعرّضين للصدمات النفسية وهي مجموعة إرشادات للعناية بالصحة النفسية للصحفيين الذين يتعرضون لأحداث صادمة، مقدّمة من مركز دارت للصحافة والصدمات وترتكز على نتائج أبحاث حول سلامة الأشخاص الموجودين “في الميدان”، وقدرتهم على المواجهة والصمود، وتجاربهم العملية ويضم الدليل إرشادات خلال القيام بمهمّةٍ يمكن أن تسبّب أزمة نفسية من بينها:
- اعلم أنّ الشعور بالحزن والمعاناة بعد مأساة هو ردّ فعل إنساني طبيعي، وليس نقطة ضعف. معظم الأشخاص يتعافون منه بسرعة.
- خذ استراحات، وشجّع الآخرين على القيام بذلك، فمن شأن ذلك أن يساعدك على جمع المواد المتوفّرة لديك بشكل أفضل ويمكّنك من التفكير بوضوح.
- لا تنظر إلى الصور مطوّلاً.
- اطمئن إلى صحة الآخرين في فريقك.
- اعرف ما هي حدودك وإمكانياتك، اطلب شخصاً ينوب عنك إذا دعت الحاجة.
- إذا كنت تشعر بالحزن والقلق، لا تُخفِ ذلك، فهذه ردود فعل إنسانية لا تنمّ لا عن الضعف، ولا عن قلّة الاحتراف، كما أنّ الإقرار بها لن يهدّد مسيرتك المهنية.
- للمصوّرين والعاملين في هذا المجال: حافظوا على تواصلكم مع مقرّ عملكم، وكذلك مع زملائكم المصوّرين/العاملين في هذا المجال للحصول على الأفكار والملاحظات. لا تفكّروا كثيراً في ما فاتكم من فرص.
- للمصوّرين والعاملين في هذا المجال: تعوّدوا أن ترتّبوا معدّاتكم في نهاية كل نهار كنشاط لإزالة التوتّر والضغوط.
IJNet