عبد الرحمن محمود
تشهد الخدمات الصوتية نموًا على مستوى العالم، إذ من المتوقع أن يصل معدل الإنفاق في قطاع الإعلانات الصوتية الرقمية خلال العام الجاري 2023 لنحو 8.95 مليار دولار، بينما يرجح أن يصل عدد المستمعين لذات القطاع لقرابة 1.63 مليار مستخدم حول العالم بحلول عام 2027.
عربيًا، يحظى التدوين الصوتي أو البودكاست وهو أحد أشهر أنواع التعليق الصوتي بزخم متزايد، فوفق إحصائيات موقع البودكاست العربي ينشط اليوم 511 برنامج بودكاست، بعدما كان يوجد 36 برنامجًا عام 2016، و252 خلال 2019.
تضع المعطيات السابقة ممارسي التعليق الصوتي أمام فرصة لتحويل قدراتهم من مجرد مهارة إلى عمل ريادي سواء في نطاق فردي أو ضمن فريق، أو عبر تأسيس شركة رسمية، وكل ذلك ضمن ما يعرف بـ MEDIA ENTREPRENEURSHIP، سعيًا وراء تحقيق عدة أهداف أبرزها:
- مضاعفة الدخل المالي أو توفير مصدر جديد.
- التوسع في الأسواق المستهدفة.
- خلق تأثير إيجابي من خلال تعزيز ثقافة الاعتماد على الذات والعمل عن بُعد، خاصة في ظل ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل من الصحفيين وخريجي كلية الإعلام.
- تحقيق غايات شخصية مثل الاستقلالية بالقرار والمرونة بالعمل.
- إدخال تقنيات وألوان جديدة إلى عالم التعليق الصوتي، بفضل التطور المستمر بالمهارات الذاتية والتنافسية الدائمة بين رواد الأعمال، بالتوازي مع تطور أنماط الإعلام.
فقبل تعزيز منصات التواصل الاجتماعي لحضورها في الإعلام الرقمي، كانت أنواع التعليق الصوتي تقتصر على الطابع الرسمي التلفزيوني أو الإذاعي، ولكن بعد عام 2007 بدأ يزداد استخدام أنواع أخرى كالكتب الصوتية والفيديوهات التعليمية وتطبيقات الهواتف الذكية، بالإضافة إلى ألعاب الفيديو والأنيميشن والرد الآلي ورسائل الانتظار.
ومن واقع التجربة، تحدثنا مع مشيرة الجيش، التي عملت مع ثلاث شابات على تحويل مهاراتهن الفردية في التعليق الصوتي والتلْسين “الدوبلاج ”، إلى شركة ريادية تحمل اسم PDVOT وتمتلك اليوم أكثر من 300 إنجاز صوتي باللغتين العربية والإنجليزية وبلهجات متنوعة.
وتقول الجيش لـ”شبكة الصحفيين الدوليين”: “بدأنا العمل منذ العام 2018 بشكل فردي، كلٌ من منزله وبواسطة معدات متواضعة، إذ كنا نضطر في كثير من الأوقات للذهاب إلى استديوهات خارجية لإنجاز أعمال الزبائن، مما كان يتطلب وقتًا إضافيًا للتنفيذ إلى جانب الأعباء المالية لاستئجار الاستديو”.
وتدريجيًا، توسّع نطاق عمل الفريق بمجال تقديم الخدمات الصوتية في الأسواق المحلية والإقليمية، على قاعدة العمل التشاركي، إلى أن تمكن من الحصول على فرصة تمويل من حاضنة الأعمال “يوكاس” في منتصف العام 2022 ومن ثم إنشاء استوديو خاص بتجهيزات احترافية.
“الانتقال من مربع الإنجازات الفردية إلى العمل الريادي ليس أمرًا سهلًا “، تضيف الجيش، والسبب في ذلك يعود إلى عاملين، الأول يتعلق بحجم المنافسة الداخلية في سوق التعليق الصوتي وما يرتبط به من حسابات مالية، والسبب الثاني يرتبط بأهمية إقناع لجنة التحكيم في حاضنة الأعمال بالقدرة على تقديم قيمة مضافة بالتعليق الصوتي، في ظل المنافسة الكبيرة على فرص الدعم.
وتؤكد الجيش على أهمية التوسع التدريجي المدروس سواء بالأدوات المستخدمة في العمل أو الحيز الجغرافي والاستفادة من منصات التواصل كنقطة انطلاق في عملية الترويج واستهداف الزبائن بدلًا من اللجوء إلى خيار تصميم موقع خاص.
ويمكن تلخيص أهم العوامل التي تساعد على النجاح في عملية تحويل التعليق الصوتي من المهارة إلى الريادة، بالنقاط السبع التالية:
- الفهم الجيد للمهارات الريادية الأساسية مثل (كيفية تحديد أهداف المشروع والوصول للسوق؟ القدرة على تحليل المنافسين والبيئة الداخلية والخارجية من حيث نقاط القوة والضعف ومجمل الفرص والتحديات المتوقعة وغير المتوقعة).
- وجود فريق عمل تشاركي لديه نقاط قوة تكميلية، وتحديدًا بما يتعلق بالتفاوض والتسويق الإلكتروني.
- امتلاك رصيد متنوع من الإنجازات في عالم الخدمات الصوتية تحديدًا التي يكثر الطلب عليها، كالتعليق الإعلاني والترويجي وأعمال الموشن جرافيك.
- وجود خدمات رديفة للخدمة الأساسية، ككتابة السيناريو والهندسة الصوتية وتحرير الصور والفيديو، فضلًا عن كتابة المحتوى والترجمة.
- القدرة على تقديم ألوان متعددة من التعليق الصوتي مثل الإخباري والسردي والتوثيقي والحواري والتعبيري والدرامي.
- بناء شبكة علاقات مع العملاء والشركاء المحتملين، حتى وإن كانت محدودة في بادئ الأمر.
- الاهتمام بوجود خبرات حية وتجارب مباشرة بغض النظر عن النتائج الأولية، فـ”هناك علاقة طردية بين فرص نجاح المشاريع الريادية الناشئة، وبين مدى انغماس الفريق المؤسس بالسوق”.
والتعليق الصوتي ليس مجرد امتلاك خامة صوتية، إذ أن الوصول إلى الاحترافية في عالم الخدمات الصوتية بمختلف مجالاتها يتطلب المحافظة على تطوير عدة مهارات، منها:
- إجادة اللغة الأم وضبط مخارج الحروف.
- إتقان مهارة الإيقاع المتزن والنغمات الصوتية.
- معرفة المقامات وطبقات وخصائص الصوت.
- القدرة على التلوين وفق الموضوع وطبيعة الدور المطلوب.
- الالتزام بالتغذية السمعية والتدرب الدائم.
- معرفة وممارسة تمارين التنفس والحرص على العادات اليومية السليمة.
- الاطلاع المتواصل على مستجدات برامج الهندسة الصوتية والتوزيع وتقنيات تجويد الإخراج الصوتي.
- الاستماع الجيد للمعلقين من غير الناطقين باللغة العربية، من أجل للوصول إلى تعليق متقن وإجادة لكنة كل لغة.
وتساهم العديد من البرامج والتطبيقات فضلًا عن أدوات الذكاء الاصطناعي، في التعليق الصوتي بمراحله المختلفة سواء عند التسجيل أو المونتاج والتحرير وصولا إلى النشر، ومنها:
Adobe Audition
يعتبر من أكثر البرامج انتشارًا واحترافية وهو يتيح فترة تجريبية مجانية للمستخدمين بكافة المميزات، فضلًا عن التحديث المستمر في آليات تحرير الصوت وتجويده وفق الاحتياجات المطلوبة.
Audacity
يتميز بأنه مجاني ومتوافق مع أنظمة التشغيل المختلفة، ويوفر باقات متنوعة من المؤثرات الصوتية والنغمات، التي تساعد في التسجيل وتحرير العمل بأقصر وقت ممكن.
GarageBand
أحد البرامج المقدمة من Apple لتسجيل الصوت وتحريره بسهولة وإجراء تنقية للصوت بنتائج رائعة، وكذلك يتيح إنشاء أصوات مركبة وتسجيل مسار واحد وفق التسلسل الصوتي المطلوب.
Windows Sound Recorder
يتيح لك مشاركة التسجيل الصوتي مع تطبيقات أو برامج أخرى، مع تقديم مجموعة مميزة من العينات الصوتية بخامات متباينة.
Soundch
موقع إلكتروني قائم على الذكاء الاصطناعي، فيمكنه تسجيل النص تلقائيًا بعد اختيار اللغة ونبرة الصوت، سواء بالصوت القياسي أو AI، مع العلم أنه يتيح نحو 80 لغة و660 صوتًا.
Reaper
من أبرز مميزاته أنه يتيح للمستخدم إنشاء النغمة الصوتية التي يريدها بواسطة العديد من الأدوات الاحترافية المتوفرة داخل البرنامج، ويستطيع مزج العديد من المسارات بالإضافة إلى إنشاء مكتبة صوتية خاصة يمكن الرجوع لها بأي وقت من دون الحاجة إلى توفر الإنترنت.
شبكة الصحفيين الدوليين