سفيان السعودي
للبدء في مجال ريادة الأعمال الإعلامية وتفادي عثرات البدايات، يبدأ غالبية رواد الأعمال في رحلة تأسيس وبناء مشروع إعلامي من مرحلة البحث عن وسائل التعلم.
ومع وفرة الوسائل التعليمية في عصرنا الحالي المتمحورة حول ريادة الأعمال وتطوير المشاريع الناشئة، من مقاطع فيديوهات وبرامج بودكاست ودورات تدريبية وجهًا لوجه أو عبر المنصات التعليمية، تظلّ الكتب الوسيلة التي لا محيد عنها في اكتشاف المهارات والتقنيات والأساليب التنظيمية اللازمة في تطوير المشاريع الناشئة سواء الإعلامية أو غيرها، حتى وأنّ أغلب الوسائل التعليمية الجديدة التي ذكرناها يتم بناؤها في الأصل بالاعتماد على كتب ريادة الأعمال ألفها رواد أعمال ناجحون بناءً على تجاربهم الشخصية، مما يدل على القيمة العلمية والمعرفية التي قدمتها الكتب على مر العصور ولا زالت تقدمها.
لهذا، اخترت خمسة من أهم كتب ريادة الأعمال والتسويق، ستفيدكم في تأسيس وتطوير مشاريعكم الإعلامية الناشئة.
فن البداية.. أو كيف تجد المعنى عند تأسيس مشروعك الإعلامي؟
لن يكون الطريق نحو تأسيس مشروع إعلامي جديد مفروشًا بالورود، لأنّ المتفق عليه بأن البدايات دائمًا ما تكون صعبة لما تتطلبه من صبر على الصعوبات، ومجهودات مضاعفة لمواجهة التحديات، التي لا تكون دائمًا مادية كما يشاع، بل يمكن أن تكون تنظيمية أو حتى نفسية أو قد تكون أحيانًا متعلقة بفهم معنى المشروع وفي أي اتجاه سيسير بالضبط.
وهذا ما تم تقديمه وتوضيحه في كتاب The Art Of The Start لمؤلفه غاي كاواساكي، رائد الأعمال والمدير التسويقي للعديد من كبريات الشركات في وادي السيليكون، كشركة آبل وشغل منصب عضو مجلس أمناء مؤسسة ويكيميديا.
هذا الكتاب يلفت النظر إلى أهمية أن يكون لرائد الأعمال وفريقه معنى من تأسيس المشروع، معنى تتمركز حوله الفكرة الأساسية للمشروع، ليكون نقطة للانطلاق والوجهة التي يسير نحوها المشروع وأيضًا نقطة ارتكاز للعودة لها في فترات الصعوبات، هذا المعنى هو الذي يعطي الشغف والدافع إلى الأمام ومقاومة التحديات.
كتاب The Art Of The Start أعطى مساحة لفكرة مهمة يجب أن يوليها صاحب المشروع الناشئ أهمية وهي الرسالة التي يقدمها المشروع بالأساس، وهو ما يمكن تفسيره في حالة المشاريع الإعلامية بالمنتج أو الخدمة التي سيقدمها المشروع الإعلامي، أي ما سيميز هذا المشروع عن بقية المشاريع المشابهة وقيمته المضافة، وكيف سيتلقاه الجمهور المستهدف ويفضله عن البقية.
كما أنّ مؤلف الكتاب ناقش في هذا الكتاب فكرة أن التخطيط مهم جدًا لأي مشروع، ولكنه نبه إلى ضرورة المرونة في التنفيذ وأن لا يكون الالتزام بالخطة دائمًا هو المرجع بل يجب الانتباه إلى المتغيرات التي قد يفرضها الواقع في تنفيذ المشروع لأنّ السوق والجمهور المستهدف يتغيران باستمرار، خصوصًا وأنّ متطلبات الجمهور وحاجياته في المجال الإعلامي تتغير بصورة متسارعة في عصرنا الحالي، وهو ما يجعل الفكرة التي قدّمها مؤلف الكتاب تنطبق تمامًا على حالة تأسيس المشاريع الإعلامية، لذا يجب الانتباه دائمًا إلى حاجيات السوق الإعلامي ومسايرته في التنفيذ.
بعد النجاح الذي عرفه الكتاب، قدم المؤلف إصدارًا آخر للكتاب وكان مخصصًا للمشاريع الرقمية.
لا تغني هذه السطور عن قراءة الكتاب والاستفادة من محاوره وتطبيقها على مشاريعكم الإعلامية الناشئة.
من صفر إلى واحد، من لا شيء إلى ما لا نهاية
دائمًا ما تتكرر الدعوات إلى ضرورة الابتكار في المجال الإعلامي، وعدم الاكتفاء بالتقليد. فاكتشاف أمر جديد وتقديمه للعالم هو أحد المحاور الأساسية لكتاب من صفر إلى واحد لمؤلفه بيثر تيل، أحد الشركاء المؤسسين لمنصة تحويل الأموال PAYPAL وهو داعم مالي وعضو مجلس إدارة فيسبوك. الكتاب الذي ألفه بالتعاون مع بليك ماسترز، يعتبر مرجعًا في مجال ريادة الأعمال ويقدم أفكارًا مهمة في مجال ريادة الأعمال وكيفية نقل المشاريع من مراحل الإنشاء إلى مراحل النمو من خلال ملاحظات على الشركات الناشئة، أو عن كيفية بناء المستقبل، كما يشير إلى ذلك العنوان الفرعي للكتاب.
ملاحظات يمكن تطبيقها في مجال الإعلام بالطبع، ومن بين الأفكار المطروحة فيه الدعوة إلى الابتكار والتأكيد على تواجد أشياء لم تكتشف بعد وأن المجال للإبداع يتسع للجميع، وهذا ينطبق فعليًا على مجال الإعلام لكونه مجالًا متجددًا، وطبيعة العمل فيه تستوجب الابتكار والإبداع خصوصًا مع الإمكانيات التي توفرها التكنولوجيا وتنوع اهتمامات الجمهور وتوسعه. أمور كلها تتيح مساحة للتفكير بأساليب إبداعية للاستثمار في الحاجة لإعلام جديد.
ووردت في الكتاب تحذيرات من الانغماس في المنافسة والتفكير في المنافسين فقط، لكونها عادات تدمر الشغف والحس الإبداعي حسب مؤلفي الكتاب، اللذين قدّما نماذج عديدة حول شركات كبيرة دمرت حينما ركز مسيروها على المنافسين، وتناسوا عنصر الاهتمام بالإبداع والتطوير.
الإعلام محيط شاسع.. والإبحار فيه يحتاج لنصائح
إستراتيجية المحيط الأزرق هو كتاب يقدم نصائح لرواد الأعمال للاستفادة من الفرص المتواجدة في الأسواق ذات التنافسية المتوسطة أو القليلة، بحيث قام مؤلفا الكتاب وهما: الاقتصادي دبليو. تشان كيم والمؤلفة رينيه ماوبورن، بتقسيم تأسيس الشركات الناشئة إلى صنفين: المحيطات الحمراء، والمحيطات الزرقاء.
الصنف الأول أو المحيطات الحمراء حيث تتواجد جميع الصناعات والمشاريع المعروفة لدينا حاليًا، أي أنّ كل ما فيها من مشاريع وأفكار معروف وأنّ المنافسة محتدمة وتتطلب إمكانيات كبيرة.
أما المحيطات الزرقاء، فهي مساحة السوق غير المستكشفة. حيث لا تواجد للتنافسية العالية، وهناك يمكن ابتكار أفكار مشاريع جديدة وبناء منهج متكامل من مشاريع وطرق تسويق مبتكرة، وحتى إنشاء جمهور خاص بهذه المشاريع.
“إستراتيجية المحيط الأزرق” كما وصفها مؤلفا الكتاب هي التي ساهمت في هذا الزخم الذي يعرفه عالمنا الحالي من بروز أشكال جديدة لأفكار مشاريع ريادة غير تقليدية، لم يكن لها أثر أو شبه من قبل، ومع ذلك حققت لنفسها مكانًا وسوقًا ونجاحات كبيرة.
ويمكن إعطاء أمثلة من واقع المشاريع المتعلقة بالإعلام بظهور منصات رقمية إعلامية وتطبيقات للبث على الإنترنت، أو منصات نشر مقاطع الفيديو وغيرها، كلها لم يكن لها تواجد قبل سنوات قليلة ماضية، وها هي اليوم فرضت تواجدها بل وبدأت تشكل خطرًا على كل ما هو تقليدي، وهو ما يؤكد فكرة أن المحيطات الزرقاء موجودة وأنّ الوقت للابتكار لازال متاحًا أمام رواد الأعمال سواء في الإعلام أو غيرها من القطاعات، في الكتاب ستجدون نماذج مفصلة بشكل أكبر مع الإستراتيجيات التي تم انتهاجها في استكشاف المحيطات الزرقاء.
التسويق لجعل المشاريع لافتة للانتباه
البحث عن تميز المشاريع وأن لا تكون الابتكارات في مجال الإعلام غير شبيهة بما سبق، غالبًا ما تكون أمورًا تشغل تفكير رواد الأعمال في مجال الإعلام.
والتميز في المشاريع الإعلامية وسط الزخم الكبير، يتطلب المجهود هو أيضًا ومنهجية تسويقية متخصصة، وهذا ما يقدمه رجل الأعمال سيث جودين، في كتابه البقرة البنفسجية. حيث يقدم أفكاره عن أساليب ومنهجيات لجعل المشاريع جاذبة للانتباه، هذه الإستراتيجيات والأفكار التي يقدمها الكتاب يمكن أن تساهم في جذب الجمهور للمشاريع الإعلامية ويمكن أن تكون وسيلة أيضًا لجذب انتباه المستثمرين، ويقدّم الكتاب توصيات عن عدم سلوك الطرق المعروفة سلفا، ويقدم قصصًا ملهمة للتفكير خارج الصندوق لجعل المشاريع بارزة بشكل ملفت.
إعادة تشكيل المفاهيم حول المشاريع الناشئة
قد لا يختلف شخصان على أهمية التعلم المستمر سواء في إدارة المشاريع أو في مختلف مناحي الحياة، فالتعلم وإعادة التعلم أمور أساسية في إدارة المشاريع الناشئة، ولكن ما نتعلمه اليوم ونكرره غدًا قد لا يكون ضروريًا دائمًا، والخروج عن النسق قد يكون مفيدًا أحيانًا. هذه هي فكرة كتابنا الخامس في هذا المقال وهو كتاب REWARK الذي يدعو مؤلفه إلى إعادة تشكيل مفاهيم ريادة الأعمال بطريقة غير تقليدية، من خلال تقديم نصائح بطريقة فلسفية حول أهمية المراجعات الفكرية في إدارة المشاريع الناشئة، وتغيير المفاهيم للتناسب مع وضع كل مشروع والساهرين على تنفيذه بعيدًا عن الأسلوب المنهجي القائم على إعطاء نصائح مباشرة لتطبيقها خطوة بخطوة.
فصول الكتاب العديدة تحاول مخاطبة عقل رائد الأعمال لإعادة تشكيل رؤية جديدة حول بيئة العمل الخاصة بكل مشروع واحتياجاته الخاصة، مع إمكانية تكييف الخطط الإستراتيجية، وكيفية صياغة خطط مخصصة متعلقة بأساليب التوظيف أو عقد الاجتماعات، أو تجميع الموارد المالية المتعلقة بالتمويل وإقناع المستثمرين وغير ذلك.
بالطبع، هذه الكتب ليست هي الوحيدة في عالم ريادة الأعمال والتسويق، بل هي دعوة للاهتمام بالكنوز المعرفية التي تقدمها الكتب والتي يمكن استثمارها في تطوير المشاريع الإعلامية جديدة.
شبكة الصحفيين الدوليين