اعداد : محمد ناموس
أشارت منظمة اليونسكو في تقريرها حول سلامة الصحفيات، إلى أنّ العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي تتعرض له الصحفيات ينطوي على الوصم وخطاب الكراهية الجنسي والتصيد والاعتداء الجسدي والاغتصاب وحتى القتل.
وتتنوع الهجمات على الصحفيات سواء عبر وسائل التواصل أو خارجها، وهي قائمة على العنف من النوع الاجتماعي، الذي يتراوح ما بين التنمر والسخرية، التضليل وحملات التشهير ونشر المعلومات الشخصية، إلى التصيد والابتزاز والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب، وصولًا للتهديدات بالقتل والاعتداء على أفراد العائلة، في حملات تهدف إلى ترهيبهن وإسكاتهن وإبعادهن عن المجال العام.
في بحث أجراه المركز الدولي للصحفيين، فإنّ 73% من الصحفيات اللواتي شملهن الاستطلاع تعرضن للعنف عبر الإنترنت، حيث كانت 25% من الرسائل التي تلقينها تهدد بالعنف الجسدي و18% تهدد بالعنف الجنسي. والأكثر من ذلك، أنّ 20% من الضحايا تعرضن لاعتداءات جسدية أو للإساءة في العالم الواقعي.
وفي بحث أجرته منظمة النساء في الصحافة وموقع reach صدرت نتائجه في آذار/مارس 2023، عبر استبيان شاركت فيه 403 مشاركات، تبيّن أنّ المخاوف بشأن الأضرار عبر الإنترنت شائعة، وقالت 75% من الصحفيات إنهن تعرضن لتهديد سلامتهن سواء عبر الانترنت أو بشكل مباشر، وذكرت ما يقرب من نصف المشاركات أنهن روّجن لعملهن بشكل أقل عبر الإنترنت بسبب التهديدات، وقال ما يقرب من خمس المشاركات إنّ التهديد بالضرر جعلهم يفكرون في ترك صناعة الإعلام تمامًا.
كما تعرضت نسبة كبيرة من المشاركات في الاستطلاع لأنواع مختلفة من الأضرار، كان أكثرها شيوعًا التعليقات الشخصية، يليها التهديدات عبر الإنترنت والاتصالات الرقمية وردود الفعل العنيفة، والهجوم الالكتروني، وخطاب الكراهية والابتزاز والتهديد الجنسي.
وجاء الضرر من الهجوم الالكتروني في المقام الأول على منصة أكس (تويتر سابقًا) بنسبة 60% من المشاركات، وفيسبوك (44%)، وعبر البريد الإلكتروني (43%).
وبسبب تأثير التهديدات على الصحة العقلية والخوف على السلامة الجسدية أشارت خُمس النساء العاملات في الصحافة إلى أنهن فكرن في ترك الصناعة تمامًا. وبيّنت المنظمة وجود خطر حقيقي من أن يقوم الجناة بإسكات النساء ومنعهن من القيام بدور نشط في وسائل الإعلام.
واعتبر تقرير للجارديان أنّ العنف ضد الصحفيات عبر الإنترنت هو أحد أخطر التهديدات العالمية لحرية الصحافة، وتسبب بمقتل عدد من الصحفيات، وفقًا لبحث عالمي شمل مقابلات مع أكثر من 1000 صحفية في 15 دولة حول العالم، قالت الغالبية العظمى من الصحفيات المشاركات إنهن عانين من الإساءة والتهديدات عبر الإنترنت.
ووجد البحث أنّ ما يقرب من ثلاثة أرباع الصحفيات اللواتي شملهن الاستطلاع تعرضن للعنف عبر الإنترنت أثناء عملهن، تحديدًا 25 % العنف الجسدي، بما في ذلك التهديد بالقتل، والعنف الجنسي بنسبة (18%)، وقالت 13% إنّ تهديدات بالعنف طالت المقربين منهم، بما في ذلك الأطفال والرضع.
كما أفادت 48% من الصحفيات اللواتي شملهن الاستطلاع بتعرضهن للمضايقات من خلال رسائل خاصة غير مرغوب فيها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ووثق موقع تحالف النساء في الصحافة أكثر البلدان قمعًا للصحفيات، كما بيّن وضع حرية الصحافة للصحفيات في آب/أغسطس 2023 زيادة في التهديدات والترهيب والحرمان من الوصول، وهناك أمثلة عديدة من الدول العربية على قمع الصحفيات.
ومن سوريا تتحدث لنا الإعلامية وصانعة الأفلام والناشطة النسوية آلاء عامر عن تجربتها بالقول إنّ النساء الصحفيات والناشطات يتعرّضن لمحاولة الترهيب عن طريق التعليقات والرسائل التي تتضمن تسفيهًا وتسخيفًا للمحتوى المقدم، كما تشمل أحيانًا السخرية من صاحبة المحتوى وطريقة لبسها، ويصل الأمر أحيانًا للتهديد، بهدف إسكاتهن.
وتبيّن الإعلامية آلاء عامر أنها دائمًا ما ترد على التعليقات المسيئة لأنها تعتبر أنّ السكوت يعني السماح لأصحاب التهديدات والتعليقات بتحقيق مرادهم، وهي تعتمد الرد الساخر وتفنيد خطأ فكرة المعلق، باعتبارها نوعًا من المقاومة، وهذا ما يدفع المسيء إلى الهروب لأنه لم يكن يتوقع الرد.
وتؤكد عامر أنّ الإساءات تولد لديها مشاعر متفاوتة بين الغضب والحزن واليأس لأنه أمر محزن أن تخاطب مجتمعًا بعقلية مغلقة، مضيفةً أنه على كل سيدة أن تحمي نفسها بالطريقة التي تشبهها، “أنا أحمي نفسي عندما أرد على الإساءة بصوت عال، ولكن هذا الأمر يتطلب جهدًا وطاقة نفسية كبيرة، وأحيانًا أحمي نفسي بحظر المسيئين”.
وبيّن مركز إعلام المرأة أنّ التحرش الجنسي عبر الإنترنت له هدف واضح: إثارة الخوف، والتقليل من شأن وإذلال وفضح المستهدفات، فضلًا عن تشويه سمعتهن على المستوى المهني وإسكاتهن في وقت نحن في أمس الحاجة إلى وجهات نظرهن وإصرارهن.
ووفقاً لمراجعة حرية الصحافة السنوية لتحالف النساء في الصحافة، “كانت النساء أول صحفيات يكتبن عن الحرب في أوكرانيا، وعلى الرغم من الخطر الذي يهددهن، بقيت النساء في أفغانستان لتوثيق وفضح الظلم الذي فرضته حركة طالبان، وخاطرت النساء في إيران بكل شيء من أجل إيصال صرخات أخواتهن بينما نظر بقية العالم بعيدًا”.
خطة مواجهة
في محاولة لمواجهة العنف الممارس على الصحفيات، أصدرت اليونيسكو بالتعاون مع مركز نايت للصحافة والمؤسسة الدولية للإعلام النسائي (IWMF) توصيات وموارد لتعزيز سلامة الصحفيات، بالإضافة لتنظيم مؤتمر أكاديمي سنوي حول سلامة الصحفيين.
كما بينت اليونيسكو في ورقة مناقشة بحثية الاتجاهات العالمية في العنف عبر الإنترنت ضد الصحفيات، وأوضحت في ورقة بحثية أخرى ما الذي يمكن للمؤسسات الإخبارية أن تفعله أكثر لمكافحة العنف الجنساني عبر الإنترنت.
وبهدف مساعدة العاملات في مجال الإعلام على ممارسة مهنتهن بأمان، أعدت اليونسكو ومركز نايت للصحافة والمؤسسة الدولية للإعلام النسائي (IWMF) في اليوم العالمي للمرأة دورة تدريبية ذاتية مكثفة بعنوان كيفية إعداد التقارير بأمان تركز على:
· التدريب على معالجة التهديدات والتحرشات التي تواجهها العاملات في مجال الإعلام في حياتهن اليومية.
· تحديد شبكات التضامن – بين الصحفيات أنفسهن وأيضًا مع الزملاء الذكور، وداخل المؤسسات الإعلامية.
· تدريبات وبروتوكولات تتعلق بالسلامة تستخدمها غرف الأخبار والمؤسسات الصحفية.
· ضرورة كسر محظور الصمت والتحدث عن التهديدات الجسدية والنفسية والرقمية بالمؤسسات الصحفية.
المقال مأخوذ بتصرف عن ijnet