مدونة بقلم صدام الحريبي
أثناء تدريسي للطلاب مادة التحرير الصحفي أو الجانب السياسي، آخذ “شبكة الجزيرة” دائما كمثال للمهنية وأضرب بها المثل أمامهم وأنا شامخا رافعا للراس، وقد كان آخر ذلك قبل أيام.
أمس قرأتُ خبرا في موقع الجزيرة نت معنون ب “فتح الطريق بين مارب وصنعاء والحوثيون يرحبون” هذا العنوان عنوانا أصفرا، ذكّرني بالمواقع الصفراء التي نعاني ونحذّر منها.. كمن يكتب: سقوط عسكري، وعندما تذهب لقراءة التفاصيل تكتشف أن جندي سقط على الأرض أثناء التدريب!
وهكذا عنوان موقع الجزيرة نت، كتب المحرّر أن الحوثيين يرحّبون، وفي التفاصيل كان الترحيب مشروطا، بل إن الشروط كانت من أجل الرفض. ففي منتصف جسم الخبر المطوّل أو التقرير أظهر المحرر الحوثي وكأنه هو المبادر ومن دعا إلى فتح الطرقات، وحريص على موضوع المختطفين.
هذه المعلومات ليست كاذبة، لكن تم توظيفها من قبل المحرّر، فعندما تقرأها يُفهم أن الحوثيين بالفعل هم من بادروا، وأن الشرعية تختطف الناس من الطرقات، مع التزام المحرّر بذكر فتح الطريق من جانب واحد في المقدمة، لأنه ليس أمامه خيار سوى ذكر ذلك.
مهنيّا عنوان الخير كان هزيلا، قزّم شبكة الجزيرة إلى موقع أصفر يُدار من أحد المنازل كتلك التي يلعب بها أطفال المحررين المبتدئين من مطبخ البيت، وذلك بسبب محاولة توظيف الخبر ليس بحيث لا يُظِهر الحوثي كمعرقل فقط، بل من أجل عدم إظهاره كصامت حتى.
طبعا حتى طريقة الاختيال في الصياغة كانت فاشلة ولم يبدع المحرّر حتى في التحايل، والأمر الآخر أن الخبر ما زال موجودا حتى لحظة كتابة هذا. عندما يتحايل الصحفي في الصياغة من أجل إخفاء حقيقة ما محاولا إنقاذ أي جهة، هنا يتحوّل إلى محرر مبتدئ وفاشل ويفقد قوة الصياغة بل وشرف المهنة.
ما زالت ثقتي كبيرة بمدرسة الجزيرة، فهي أكبر وأرقى وأقوى من التحايل والتضليل حتى من أجل دول كبيرة، فما بالكم بمليشيات تقتلنا يوميا وتسلك طريق الدماء منهجا لها. وإلا فماذا سأقول لطلّابي؟ هل عليّ أن أتهرّب منهم بسبب تضليل وتحايل محرّر موقع الجزيرة نت، الشبكة التي أمتدحها وأضرب بها المثل في كل مكان وأراهن على قوتها ومهنتيّتها؟ لست بصدد النيل من هذه المدرسة الأقوى، لكنني أحاول أن أعبّر عن امتعاضي ممن يعبث بتاريخ شبكة بل إمبراطورية امتلكت احترام الجميع.