بقلم حافظ الميرازي
أقصى ما تسمح به أمريكا الرأسمالية من نسبة إعلانات تجارية على تليفزيون مفتوح بدون اشتراك يتراوح بين 25% إلى 30% في ساعة البث من المادة المُنتجة للجمهور، سواء كانت درامية أو إخبارية، أي نحو 4 دقائق في ربع الساعة التي يجب ألا تقل مادة المضمون فيها عن 11 دقيقة.
بينما في أوروبا لا تزيد النسبة الإعلانية عن 20% اي 12 دقيقة إعلانات في الساعة، او 3 دقائق في ربع الساعة، وقد تقل في دول اخرى مثل ألمانيا إلى دقيقتين فقط في ربع الساعة.
أما مدة كل إعلان فتتراوح بين ربع دقيقة إلى نصف وأقصاها دقيقة واحدة للإعلان. لكن عندنا في إعلام مصر، فلا تسأل كم دقيقة إعلانات في الساعة بل يمكنك ملاحظة وجود ثلاث او اربع دقائق مادة درامية في كل ربع ساعة من البث.
في عشوائيات الإعلام المصري التي أُضيف إليها في العشرية السوداء عقلية سبوبة ضابط الكانتين، فلا معايير او قواعد سوى : “الفلوووس.. الفلووس” ومعها من الاتباع تحية لصاحب العاصمة الإدارية التي مازال مصرا على بنائها بعد كل خراب الديون، بحجة أنها دليل على تشغيل المصريين وأنهم يبنون، الأمر الذي يستدعي تحيتهم بإعلان سياسي عند “المتحدة” عند كل وقفة (أو بالأحرى نومة) إعلانية تجارية.
أما المعلنون، فهم المقاولون المطورون للكومباوندات، بما فيها كومباوند العاصمة الإدارية كإعلان مجاني لصاحب المحل، و يبدو من كثافة إعلانات كل كومباوند ومطوره، باسمه احيانا مثل طلعت مصطفى او بصوته مثل نجيب ساويرس، وگأن 70% من المشاهدين المصريين يعيشون فيها.
تأتي بعدهم شركات الاتصالات، خصوصا أن إعلانا تجاريا لشركة وي بلغ طوله أربع دقائق إلا الربع مرة واحدة، وبجواره إعلانات أخرى يتخللها مقطع مسلسل!
اما في المرتبة الثالثة فتأتي بنوك الدولة: بنك مصر والبنك الأهلي، بل وحتى البنك الزراعي؛ بينما لاتوجد إعلانات لبنوك خاصة ، مما يوحي بأنها إعلانات إتاوة، مثل المفروضة على مقاولي الكومباوندات، وهي اشبه بتعبير “الرعاة” الذين كانوا ملزمين ب”التبرع” لمنتديات شباب العالم ليستمعوا إلى حكم الزعيم!
لكن الإعلانات الحقيقية لسلع تجارية ولو كمالية او ترفيهية او شيكولاتة فقليلة جدا ولا تزيد مدة كل إعلان لها بربع دقيقة، مقارنة بأربع دقائق لإعلانات أصحاب الخزينة المفتوحة، وكأن شعار تمويل الإعلانات هو “من دقنه وافتل له”!
أما الفقاعة الإعلامية والإعلانية برسالتها الموجهة فيطول الحديث عنها، لكن اختصارا يبدو المطلوب منها إدخال المشاهد المصري في غيبوبة أو فانتازيا لشهر كامل، لايمت بصلة لواقع مصر وأزمات ومعاناة شعبها، ناهيك عن مذابح أشقائه من الجيران!
_ المصدر صفحة الإعلامي حافظ الميرازي FB