MENA Editors
في اليوم العالمي للمرأة، نتذكر بكل فخر وتقدير الإعلاميات العربيات الرائدات اللواتي واجهن التحديات وصنعن تاريخًا جديدًا في عالم الصحافة، وسط بيئات معقدة تضع أمامهن العديد من العراقيل. لقد قدّمن تضحيات كبيرة في سبيل الحقيقة وحرية التعبير، وكان لهن دور بارز في تشكيل المشهد الإعلامي العربي والدولي.
من بين هذه الشخصيات الملهمة، تبرز الصحفية رنا صباغ كواحدة من روّاد الصحافة الاستقصائية في العالم العربي. كانت مسيرتها المهنية رحلة من المثابرة والإصرار على كشف الحقائق وتعزيز معايير الشفافية والمساءلة، رغم كل الصعوبات والضغوط السياسية التي واجهتها.
رنا صباغ: رائدة الصحافة الاستقصائية العربية
وُلدت رنا صباغ في العاصمة الأردنية عمّان عام 1963، لأب فلسطيني وأم ألمانية، ونشأت في بيئة متعددة الثقافات أثرت في مسيرتها المهنية لاحقًا. منذ صغرها، أبدت اهتمامًا خاصًا بالصحافة والبحث عن الحقيقة، وهو ما قادها إلى دراسة الإعلام في الجامعة اللبنانية الأمريكية في بيروت، حيث حصلت على درجة البكالوريوس عام 1984 مع تخصص رئيسي في المسرح وتخصص فرعي في الإعلام.
بداية المسيرة المهنية في الصحافة
بدأت صباغ رحلتها في عالم الصحافة كمراسلة اقتصادية وسياسية، ثم سرعان ما أثبتت جدارتها وانتقلت للعمل مع وكالات وصحف دولية مرموقة، حيث شغلت منصب مراسلة لصحيفة التايمز اللندنية ووكالة رويترز، مما منحها خبرة واسعة في تغطية القضايا الإقليمية والدولية. غطّت أحداثًا كبرى مثل حرب الخليج الأولى (1990-1991)، مما عزّز سمعتها كصحفية جريئة ومتعمقة في تحليل القضايا السياسية والاقتصادية.
في عام 1999، صنعت صباغ تاريخًا جديدًا للمرأة العربية في الصحافة عندما أصبحت أول امرأة تتولى رئاسة تحرير صحيفة يومية في الأردن، حيث ترأست صحيفة “جوردان تايمز”. خلال قيادتها للصحيفة، واجهت العديد من التحديات السياسية والمهنية، لكنها تمكنت من تعزيز استقلالية الصحيفة وترسيخ دورها في نقل الأخبار بموضوعية وجرأة.
تأسيس “إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية” (أريج)
كان عام 2005 نقطة تحول في مسيرة صباغ، حيث أسست شبكة “إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية” (أريج)، وهي أول مؤسسة عربية غير ربحية مكرّسة لدعم الصحافة الاستقصائية. تولت منصب المديرة التنفيذية لمدة 15 عامًا، لعبت خلالها دورًا محوريًا في تدريب وإعداد آلاف الصحفيين العرب في مجال التحقيقات الصحفية العميقة.
أبرز إنجازاتها في أريج:
- تدريب أكثر من 4000 صحفي وأكاديمي في مختلف الدول العربية.
- الإشراف على إنتاج 600 تحقيق استقصائي معمّق، كشفت العديد من قضايا الفساد وسوء الإدارة.
- تطوير أول دليل تدريبي في الصحافة الاستقصائية، والذي تم اعتماده في عدة جامعات عربية.
- تعزيز مفاهيم المساءلة والشفافية وحرية التعبير في الإعلام العربي.
لم يكن طريقها في أريج سهلًا، حيث واجهت صباغ ضغوطًا سياسية كبيرة بسبب طبيعة التحقيقات التي دعمتها الشبكة، لكنها تمسّكت بمبادئها في كشف الحقيقة وتعزيز دور الصحافة في محاسبة السلطات.
الانتقال إلى الصحافة العالمية والانضمام إلى OCCRP
بعد مسيرة طويلة وحافلة بالإنجازات في أريج، أنهت صباغ رحلتها مع الشبكة عام 2019، لكنها لم تتوقف عن العطاء. انضمت إلى مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود (OCCRP)، وهو واحد من أهم المشاريع الصحفية العالمية المتخصصة في كشف قضايا الفساد والجريمة المنظمة.
تشغل صباغ حاليًا منصب كبيرة محرري منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في OCCRP، حيث تواصل العمل على تحقيقات عابرة للحدود تفضح شبكات الفساد، وتمد الصحفيين العرب بالخبرة والأدوات اللازمة لمواجهة التحديات المهنية في بيئات معقدة.
التكريمات والجوائز
على مدار مسيرتها المهنية، حصلت رنا صباغ على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لمساهماتها في الصحافة الاستقصائية. من بين أبرز الجوائز التي نالتها:
- “جائزة رائف بدوي للصحافة الشجاعة” (2018)، تقديرًا لدورها في دعم حرية الصحافة في العالم العربي.
- تكريمات من منظمات صحفية دولية لدورها الريادي في تدريب الصحفيين وتعزيز الصحافة الاستقصائية.
يمكن مشاهدة مقابلتها حول التحديات التي تواجه الصحافة الاستقصائية في المنطقة عبر الرابط التالي:
🔗 مشاهدة المقابلة
رنا صباغ: أيقونة الصحافة الاستقصائية في العالم العربي
رنا صباغ ليست مجرد صحفية، بل رائدة في مجال الصحافة الاستقصائية العربية، تركت بصمة لا تُمحى في هذا المجال من خلال تدريب مئات الصحفيين، دعم تحقيقات كشفت الفساد، وتعزيز معايير الشفافية والمساءلة في الإعلام العربي. رغم الصعوبات والتحديات، تواصل مسيرتها بشجاعة، لتظل واحدة من أبرز الشخصيات الإعلامية المؤثرة في العالم العربي.