تحيا الحرية
- Mona Hassan
- المدونة
الحرية ليست جريمة فالحرية تلد مع الإنسان منذ ولادته وتمنو مع نمو الإنسان فالحرية هي جزء من الإنسان وليست صفة وراثية أو هبة من الدولة تعطيها للإنسان أو هناك فترة زمنية معينة يمكن من خلالها أن نقول توفرت خصائص نمو الحرية واصبح الإنسان الآن حر.. فقد خلقنا الله أحراراً وأنعم علينا بحواس نستخدمها للتعبير ونعبر عما يجول في عقولنا و خواطرنا فانعم علينا العقل لنفكر به وتحويل هذه الأفكار من مجرد فكرة يحتفظ بها الشخص داخل عقله إلى الخروج من صندوق العقل في شكل صوت مسموع أو كلمة مقروءة أو صورة يمكننا نشاهدها..
فلماذا إذن الأنظمة المستبدة أو التي تخشى من كلمة الحرية والمعارضة والنقد ترى أن الحرية جريمة أو خروج عن القانون فهل الحرية حقا جريمة هل نعمة الحرية التي أنعمها الله على الإنسان بالفطرة جريمة؟ اسمحوا لي أن أذكر كلمة الحرية في هذا المقال أكثر من مرة فهي بطلة المقال والتأكيد على أهمية أن يكون الإنسان حر او إن جاز التعبير التأكيد على حماية حق الإنسان الذي والد معه بالفطرة ومن ثم من(الجرم) ومن الممنوع سلب هذه الفطرة من الإنسان! في المنطقة العربية قليل ما تسمع أن هناك دولة تتسم بالحرية أو تحافظ وتحمي هذا الحق وأنما سنجد وسنسمع دولة تقمع الحريات أو دولة تقبض على معارضين أو دولة تحرم نقد النظام وتغطية بطابع ديني وواجب طاعة الحاكم أو دولة تعامل الحاكم علي إنه إله ومن المحرم نقده أو معارضة سياسته فشعار الغالب الذي نسمعه في منطقة الشرق الأوسط والذي كثير مايتردد في الإعلام الغربي أو الأعلام غربي بلسان عربي أو المنظمات الحقوقية الغير حكومية غالباً الصورة الذهنية المحفوظة في ذاكرتهم هو هناك عجز في الحريات وفائض من الاستبداد والقمع..
وهذا في الواقع صحيح فكانت أحدي مطالب الشعوب العربية الرئيسية من ثورات الربيع العربي التي تحولت فيما بعد إلى نكسات خريف عربي هو(الحرية).. فهل تحقق الحرية بعد هذه الثورات أم بقى الوضع على ماهو عليه؟ وإلى أي مدى يمارس المواطن هذا الحق بدون خوف من ما قد يحدث له بعد ماعبر عن رأيه بحرية؟ بعد ثورة الحريات التي اجتاحت المنطقة العربية وما تبعه من سقوط أنظمة وحل أنظمة محلها وظهور جماعات إرهابية بشكل علني وصريح تهدد أمن واستقرار دول وانقسمت الشعوب العربية بل دول تؤيد الجماعات الإرهابية وتمولها وانقسمت الشعوب أيضاً بين مؤيدين لمعسكر التشدد الديني ومتعاطفين مع جماعة الإخوان وبين معارضين ومع الأنظمة التي تكافح الإرهاب وإلى جانب ذلك ولدت مفاهيم جديدة تستخدم لمكافحة الحريات والمعارضة وذلك من جانب أنظمة مثل النظام المصري في عهد السيسي الذي ظل صامد أمام موجة الإرهاب التي اجتاحت المنطقة فبعد مرور فترة من السنوات وتم السيطرة على المشهد السياسى بدأت أصوات تعلو وتظهر في المشهد بشكل أوضح تعارض بعض سياسات النظام أحدي هذه السياسات هي سياسة مكافحة الحريات وعدم وجود قناة أو منبر مصري بعد هدوء الأوضاع في مصر ينقد سياسة النظام أو حتى يتطرق بشكل غير مباشر لسياسة النظام وإنما سنجد أن القنوات المصرية الحكومية والخاصة تستخدم سياسة واحدة وهناك خطة برامجية واحدة توزع على كل البرامج المصرية وهناك سكريبت موحد لكل القنوات فما نشاهده في قناة نراها في قناة الأخرى بنفس الأسلوب ونفس المنهج وكأن معد البرامج شخص واحد أو كاتب الأسكريبت شخص واحد فقط
الأمر لا يقتصر على القنوات المصرية بل والصحف المصرية أيضاً نفس الاسلوب في الكتابة حتى الرسوم الكاريكاتيرية التي في الغالب يتم استخدامها للنقد بأسلوب ساخر محترم لن تجد ذلك يوجد في الصحف المصرية وإنما ستجد الرسوم الكاريكاتيرية تحول من فن "نقد" إلى فن "تطبيل" وإذا قرر شخص يعبر عن رأيه ويفكر خارج صندوق الدولة ويعارض وينتقد سياسة ما يتم تشويه صورته ويتم أستخدام شماعة الإخوان وتلفيق تهم وإحاطته بها على أنه إخواني أو ممول أوعميل أو لا يحب وطنه والبعض يزيد في لسته الاتهامات ويتم تخوين الشخص الذي قرر الخروج عن النص وأصبح من مواطن عادي يستخدم إحدى حقوقه الطبيعية إلى مواطن مجرم أمام القانون والدولة مع انقسام المجتمع في محاكمته فالبعض يؤيده والبعض الآخر يلجأ إلى لسته الاتهامات ويختار منها ما يرضي عليه نفسه وعقله وضميره! ولا نعلم لماذا هناك انظمة تتعامل مع الحريات على أنه سم قاتل للأنظمة ويحول الدول إلى حالة من عدم الاستقرار أو السقوط؟!
لماذا لا يرون أن الحرية هي عين الشعب على النظام ويساهم في تصحيح مسار النظام إذا أخطاء وتعديله وتنبيه قبل الوقوع في الحفرة أو مساعدته بعد الوقوع في الحفرة على النهوض من جديد؟ لماذا الأنظمة لا تتعلم من أخطاء السابقين أن قمع الحريات ومكافحة الحريات يساهم فقط في خلق حالة من الاستقرار والهدوء النسبي لكن مع مرور الزمن يحدث تضخم في الحريات وينفجر في وجه النظام ويسقط النظام إجبارياً ويحذف إيجابيات النظام من ذاكرة الشعوب لأنه أخطئ عندما رفض سماع صوت الشعب واعتمد فقط على صوت من حوله؟ الحرية لا تنقص من سلطة الأنظمة وإنما تساهم في مساعدة النظام على رؤية الصورة من مختلف الزوايا وتسليط الضوء على الأزمات والمشاكل والعمل على إيجاد حلول لها فالحرية ليست جريمة.. تحيا الحرية.. تحيا الحرية..تحيا الحرية