صحافة الاستقصاء بين الواقع و المنشود
قدمت الصحفية مبروكة خذير محاضرة حول صحافة الاستقصاء بين الواقع و المنشود . في البداية عّرفت الصحفية بمفهوم صحافة الاستقصاء و أهدافها فقالت أنها صحافة الجودة والبحث عن الحقيقة والنبش في ملفات الفساد بهدف تعزيز مبدأ الرقابة والمحاسبة، وإشاعة حرية الرأي، ودعم الإعلام المستقل. حيث تتسم "الصحافة الاستقصائية" بالعمق، وتُعنَى بتتبع الأثر، والبحث فيما وراء المعلومة وليس نقلها فحسب.
و أكدت الصحفيّة الاستقصائية مبروكة خذير ان معالم التحقيق الاستقصائي واضحة فهو ينطلق من وضع فرضية الى تحديد منهج بحثي الى بحث عن المصادر و تبويبها و من ثمّ عملية الكتابة و النشر.
و لكن زاد الصحافي الاستقصائي حسب قولها هو أولا و قبل كل شيء قوة مصادره لذلك تعمّقت محاضرة الصحفية مبروكة خذير في تقسيم المصادر و تعديد أنواعها فأكدت أن هناك مصادر مفتوحة و أخرى مغلقة و أعطت أمثلة عديدة عن هذه المصادر و قالت ان المصادر يمكن تقسيمها أيضا الى مصادر رئيسية تكون هي المصدر الأصلي للمعلومة فيمكن اعتمادها بشكل كبير في المحاجة و هناك ايضا مصادر ثانويّة قالت الصحفيّة الاستقصائيّة مبروكة خذير أنها مصادر تنقل عن غيرها لذلك نادرا ما تعد توثيقا للتحقيق الاستقصائي و تتطلب من الصحافي الاستقصائي البحث أكثر و التأكد و الحصول على المصادر الأصلية .
و بما ان الصحافة الاستقصائية تقوم في جوهرها على الأدلة والإثباتات فقد أوصت الصحفية الاستقصائية مبروكة خذير بضرورة التعامل المهني المحترف مع المصادر فامتلاك الصحفي قائمة مصادر جيدة وموثوقة تعد من أهم أسباب نجاحه حسب رأيها مؤكّدة انه لا يمكن ان يتعاطى الصحفي مع كل الوثائق والأدلة التي يحصل عليها من خلال المصادر كقرائن يمكن البناء عليها، من دون أن يخضعها للفحص والتقصي، وإثارة التساؤلات حول نوع المصادر التي حصل من خلالها على الوثائق والبراهين فضلا عن التأكد من صحة الوثائق من قبل خبراء، كما هو الحال في التأكد من مصداقية المصادر عن طريق مقاطعة المعلومات من أكثر من مصدر.
بعد تعريف مفهوم صحافة الاستقصاء و أهم مقوّماتها انتقلت الصحفية مبروكة خذير الى تاريخ الصحافة الاستقصائية في الدول العربيّة فقالت ان نشوء الصحافة الاستقصائية قد تأخر في الدول العربية اذ ان هذا النوع الصحفي لا يمكن له أن ينتعش إلا في ظل قدر كافٍ من الديمقراطية التي توفر الحماية للصحافة والصحفيين.
وحتى أواخر القرن العشرين تقريباً، كانت معظم الدول العربية تعاني من ضعف المنسوب الديمقراطي في أنظمتها السياسية والتشريعية خصوصاً ما تعلق منها بحريات النشر والتعبير والحصول على المعلومات، مما لم يوفر الشروط اللازمة لظهور تحقيقات استقصائية يُعتد بها.
و لكن و منذ سنوات قليلة تغير الوضع في بعض هذه الدول و ازداد سوءا في دول اخرى و لكن المعطى المهم هو بروز،منظمات و وسائل إعلام مختصة في مجال الاستقصاء .
عددت الصحفيّة مبروكة خذير عددا من المنظمات و الهياكل الداعمة لصحافة الاستقصاء في دول العالم العربي و قالت انها كانت بابا مفتوحا للصحافيين يدعم انتاجاتهم و يوفر لهم التدريب و التمكين و المرافقة لانجاز تحقيقات استقصائية
منها على سبيل المثال شبكة أريج (ARIJ) الموجودة اليوم في العديد من الدول في الأردن وسوريا ولبنان و فلسطين، مصر، العراق، البحرين، اليمن وتونس، وتقدم الشبكة خدماتها للإعلاميين في الصحافة المطبوعة، الإذاعات، قنوات التلفزة وأيضا الإعلام الإلكتروني في مناطق انتشارها.
و كذلك ليفيج Libyan Institution for Investigative Journalism في ليبيا و التي أسسها الصحفي جلال عثمان.
وفي العراق أيضا شبكة الصحافة الاستقصائية العراقية (نيريج - NIRIJ)، وهي أول شبكة للصحافة الاستقصائية في العراق، تأسست بجهود نخبة من الصحفيين الاستقصائيين المحترفين في عام 2011.
أما عن محدودية ثقافة العمل الاستقصائي بالوسط الصحفي فقالت مبروكة خذير الصحفية الاستقصائيّة انه لا توجد بيئة مشجعة لفن الصحافة الاستقصائية بداية من عامل الوقت المضبوط لانجاز التحقيق الاستقصائي و خوف بعض المؤسسات الصحفية أو الإعلامية من نشر بعض المحتويات الإعلامية الجدليّة خاصة .
علاوة على غياب المعلومات وحجب الوثائق و نقص في تمويل الصحفيين لانجاز تحقيقاتهم الاستقصائيّة خاصة و ان عملية الإعداد والتقديم للصحافة الاستقصائية يحتاج إلى تكاليف مالية كبيرة، فضلاً عن التفرّغ الذي يحتاجه الصحفي وفي نفس الوقت لا توفره المؤسسة الصحفية.
و كذلك قالت الصحفية مبروكة خذي ان غياب العمل الجماعي يحد من ثقافة المل الاستقصائي خاصة اذا ما تعرّض الصحفي الاستقصائي لمواقف من السخرية، أو نشر أكاذيب متعلقه به من قبل زملاء العمل بالإضافة إلى قيامهم بالتقليل من أهمية القضايا والأحداث الاستقصائية.
إضافة إلى عدم تعاون المسئولين مع الصحفي الاستقصائي و افتقار هذا الأخير أحيانا لبعض المهارات والقدرات مثل العمل الميداني، أو البحث العميق عن طريق الإنترنت وهو ما يتطلّبه لضرورة القيام بالصحافة الاستقصائية. او عدم القدرة على التأثير في الرأي العام بعد نشر الحقيق الاستقصائي .
و اختتمت الصحفيّة مبروكة خذير محاضرتها بالتطرّق إلى العمل الاستقصائي خلال جائحة كورونا و قالت ان المواضيع و الملفات التي تستدعي نبشا تكاد تتشابه في كل البلدان العربية سيما منها المغاربية لذلك دعت الى المضي في تحقيقات عابرة للحدود يشترك فيها عدد من الصحافيين من جنسيات مختلفة حول موضوع فيه امتدادات في أكثر من بلد.